للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صَفِيُّ الدِّيْنِ عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ عَبْدِ الحَقِّ فِي "مَشْيَخَتِهِ"، فَقَالَ: هُوَ شَيْخُ "بَغْدَادَ" كُلِّهَا، إِلَيْهِ انْتَهَتْ رِئَاسَةُ القِرَاءَاتِ وَالحَدِيْثِ بِهَا، كَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ، وَالأئِمَّةِ المَوْصُوْفِيْنَ بِالعِلْمِ وَالفَضْلِ وَالزُّهْدِ. وَصَنَّفَ الخُطَبَ الَّتِي انْفَرَدَ بِفَنِّهَا وَأُسْلُوْبِهَا، وَمَا فِيهَا مِنَ الصَّنْعَةِ وَالفَصَاحَةِ، وَجَمَعَ مِنْهَا شَيْئًا كَثيْرًا. ذَهَبَ فِي وَاقِعَةِ "بَغْدَادَ" مَعَ كُتُبٍ لَهُ أُخْرَى بَخَطِّهِ وَأُصولهِ، حَتَّى كَانَ يَقُولُ: فِي قَلْبِي حَسْرَتَانِ: وَلَدِي، وَكُتُبِي، فَإِنَّهُ كَانَ لَهُ وَلَدٌ اسْمُهُ أَحْمَدَ -وَبِهِ يُكْنَى- صَالِحٌ فَاضِلٌ حَسَنُ السَّمْتِ، خَلَفَهُ بِـ"مَسْجِدِ قمَرِيَّةَ"، لَمَّا رُتِّبَ هُوَ شَيْخًا بِرِبَاطِ سُوسيان فِي زَمَنِ المُسْتَعْصِمِ (١). وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ، حَسَنَ القِرَاءَةِ، وَعُدِمَ فِي الوَاقِعَةِ، وَبَقِيَ يَتَأَسَّفُ عَلَيْهِ وَعَلَى كُتُبِهِ (٢).

قَالَ الذَّهَبِيُّ: قَرَأَ عَلَيهِ الشَّيْخُ إِبْرَاهِيْمُ الرَّقِّيُّ الزَّاهِدُ، وَالتَّقِيُّ أَبُو بَكْرٍ الجَزَرِيُّ (٣) المَقَصَّاتِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ خَرُوْفٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ أَحمَدُ بْنُ مُوسَى المَوْصِلِيَّانِ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ إِمَامًا مُحَقِّقًا، بَصِيْرًا بِالقِرَاءَاتِ وَعِلَلِهَا وَغَرِيْبِهَا، صَالِحًا، زَاهِدًا، كَبِيْرَ القَدْرِ، بَعِيْدَ الصِّيْتِ.


(١) جَاءَ فِي الحَوَادِثِ الجَامِعَةِ (٣١٧)، -فَي حَوَادِثِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَسِتَمَائَةَ- وَفِيْهَا: أَمَرَ الخَليْفَةُ بِوَقْفِيَّةٍ "دَار سوسيان" وَمَا يَجْرِي مَعَهَا مِنَ الحُجَرِ والبَسَاتِيْنِ، وَجُعِلَتْ رِبَاطًا للْصُّوْفِيَّةِ، وَرُتِّبَ الشَّيْخُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ أَبِي الجَيْشِ إِمَام "مَسْجِدِ قَمَرِيَّة" شَيْخًا لِلْصُّوفِيَّةِ بهَا، وَجُعِلَ وَلَدُهُ مَوْضِعَهُ فِي "مَسْجِدِ قَمَرِيَّةِ".
(٢) فِي الحَوَادِثِ الجَامِعَةِ (٦٣٢) أَنَّهُ بَعْدَ سُقُوطِ "بَغْدَادَ" عُيِّنَ خَازِنًا لِلْدِّيْوَانِ وَزَادَ فِي "مَجْمَعِ الآدَابِ": بِـ"دَارِ الشَّاطيا".
(٣) في (ط): "أَبِي بَكْر الجزبور" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ وَتَقَدَّمَ التَّعْرِيْف بهِ قَبْلَ أَسْطُرٍ.