للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"الجَبَلِ" وَمَشْيَخَةِ "دَارِ الحَدِيْثِ الأشْرَفِيَّةِ" بِهِ.

وَقَالَ اليُوْنيْنِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ" شَيْخُ الإسْلَامِ، عِلْمًا، وَزهدًا، وَوَرِعًا، وَدِيَانَةً، وَأَمَانةً، كَبِيْرَ القَدْرِ، جَمُّ الفَضَائِلِ، انْتَهَتْ إِلَيْهِ الرِّئَاسَةُ فِي الفِقْهِ عَلى مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَشَرَحَ كِتَابَ "المُقْنِعِ" لِعَمِّهِ الشَّيْخُ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ، وَإِنْ كَانَ مُعْظَمُ الشَّرْحِ مَأْخُوْذٌ مِنْ كَلَامِ عَمِّهِ، وَكَانَتْ لَهُ اليَدُ الطُوْلَى فِي مَعْرِفَةِ الحَدِيْثِ، وَالأُصُوْلِ، وَالنَّحْوِ وَغَيْرِ ذلِكَ مِنَ العُلُوْمِ الشَّرْعِيَّةِ، مَعَ العِبَادَةِ الكَثِيْرَةِ، وَالتَّوَاضُعُ وَاللُّطْفِ بِكَرَمِ الأخْلَاقِ، وَلِيْنِ الجَانِب، وَالإِحْسَانِ إِلَى القَرِيْبِ وَالبَعِيْدِ، وَالاِحْتِمَالِ، وَوَليَ قَضَاءَ القُضَاةِ مُكْرَهًا، وَبَاشَرَ ذلِكَ مُدَّةً، ثُمَّ عَزَلَ نَفْسَهُ، وَامْتَنَعَ مِنَ الحُكْمِ، وَبَقِيَ مُتَوَافِرًا علَى العِبَادَةِ وَالتَّدْرِيْسِ، وَإِشْغَالِ الطَّلَبَةِ وَالتَّصْنِيْفِ، وَكَانَ أَوْحَدَ زَمَانِهِ فِي تَعَدُّدِ الفَضَائِلِ، وَالتَّفَرُّدِ بِالمَحَامِدِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَظِيْرٌ فِي خُلُقِهِ، وَرِيَاضَتِهِ، وَمَا هُوَ عَلَيْهِ، وَانْتَفَعَ بِهِ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، وَكَانَ عَلَى قَدَمِ السَّلَفِ الصَّالحِ فِي مُعْظَمِ أَحْوَالِهِ.

اشْتَغَلَ عَلَى الشَّيْخِ -رَحِمَهُ اللّهُ- خَلْقٌ كَثِيْرٌ. وَمِمَّنْ أَخَذَ عَنْهُ العِلْمَ تَقِيُّ الدِّيْنِ ابْنُ تَيْمِيَّةِ، وَالشَّيْخُ مَجْدُ الدِّيْنِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَرَّانِيُّ، وَكَانَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ بِعَيْنَيَّ مِثْلَهُ. وَحَدَّثَ بِالكَثيْرِ (١) وَخَرَّجَ لَهُ أَبُو الحَسَنِ بنُ اللَبَّانِ "مَشْيَخَةً" فِي أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا، وَخَرَّجَ لَهُ الحَافِظُ الحَارثِيُّ أُخْرَى (٢) وَحَدَّثَ بِهِمَا.


(١) قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي "تَارِيخِ الإِسْلَامِ": "حَدَّثَ بِـ"المُسْنَدِ" عَن حَنْبَلِ الكِنَانِيِّ (كَذَا؟!) وَ"التِّرْمِذِيِّ" عَنِ ابْنِ طَبَرْزَدٍ، وَبِـ"الدَّارِمِيِّ" عنِ ابْنِ اللَّتِّيِّ … ".
(٢) في دَارِ الكُتُبِ الظَّاهِرِيَّةِ بِـ"دِمَشْقَ" قِطْعَةٌ مِنْ مَشْيَخَتِهِ تَخْرِيْج الحَارِثِيِّ المَذْكُوْرِ. =