للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جَمَاعَةٌ مِنَ الفُقَهَاءِ (١). وَكَانَ دَائِمَ البِشْرِ (٢) يُحِبُّ الخُمُوْلَ وَيُؤْثِرُهُ، وَيُلَازِمُ قِيَامَ اللَّيْلِ مِنَ الثُّلُثِ الآخِرِ، وَيَتْلُو بَيْنَ العِشَائَيْنِ، وَيَصُوْمُ الأيَّامَ البِيْضَ، وَسِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، وَعَشْرَ ذِي الحِجَّةَ وَالمُحَرَّمَ. وَلَا يُخِلُّ بِذلِكَ. ذَكَرَ ذلِكَ كُلُّهُ وَلَدُهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّيْنِ. قَالَ: وَلَقَدْ أَخْبَرَ بِأَشَيَاءٍ، فَوَقَعَتْ كَمَا قَالَ لِخَلَائِقٍ. وَذلِكَ مَشْهُوْرٌ عِنْدَ مَنْ يَعْرِفُهُ. وَلَقَدْ قَالَ لِي فِي صِحَّتِهِ وَعَافِيَتِهِ: أَنَا أَعِيْشُ عُمْرَ الإمَامِ أَحْمَدَ، لكِنْ شَتَّانَ مَا بَيْنِيْ وَبَيْنَهُ، فَكَانَ كَمَا قَالَ. وَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّ، تنزَّهْتُ عَنِ الأوْقَافِ؛ إِذْ كَانَ يُمْكِنُنِي، وَكَانَ لِي شَيْءٌ، فَلَمَّا احْتَجْتُ تناوَلْتُ مِنْهَا.

وَقَالَ ابنُ اليُوْنِيْنِيِّ: كَانَ رَجُلًا صَالِحًا، زَاهِدًا، فَاضِلًا، عَابِدًا، وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ وَالِدِيْ، اشْتَغَلَ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ يُصَلِّي بِهِ فِي "مَسْجِدِ الحَنَابِلَةِ"، رَافَقْتُهُ فِي طَرِيْقِ "مَكَّةَ" فَرَأَيْتُهُ قَلِيْلَ المِثْلِ فِي دِيَانَتِهِ وَتَعَبُّدِهِ، وَحُسْنِ أَوْصَافِهِ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ الشُّيُوْخِ عِلْمًا، وَعَمَلًا، وَصَلَاحًا، وَتَوَاضُعًا، وَسَلَامَةَ صَدْرٍ،


(١) قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "وَكَانَ عَدِيْمَ المَثيْلِ، كَبِيْرَ القَدْرِ، سَأَلْتُ أَبَا الحَجَّاجِ الكَلْبِيَّ عَنْهُ فَقَالَ: هُوَ أَحَدُ عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِيْنَ، وَأَحَدُ مَنْ كَانَ يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ يَعْصِي اللهَ تَعَالَى، سَمِعْنَا مِنْهُ طَرَفًا صَالِحًا مِنْ مَسْمُوْعَاتِهِ". وَأَبُو الحَجَّاجِ الكَلْبِيُّ هُوَ الحَافِظُ المِزِّيُّ.
(٢) فِي "تَارِيخِ الإسْلَامِ": وَقَالَ: "وَلَدُهُ المُفْتِي شَمْسُ الدِّينِ، كَانَ دَائِمَ البِشْرِ … " ثُمَّ قَالَ: قُلْتُ: حَكَى لِي حَفِيْدُهُ فَخْرُ الدِّيْنِ أَنَّهُ قَدِمَ "دِمَشْقَ" وَمَعَهُ مَبْلَغ مِنَ الدَّرَاهِمِ، فَأَكَلَ مِنْهُ مُدَّةً سِنِيْنَ، وَأَنْفَقَ عَلَى أَوْلَادِهِ حَتَّى كَبُرُوا، ثُمَّ تَرَدَّدَ إِلَى الجِهَاتِ، وَكَانَ إمَامَ "مَسْجِدِ ابْن عُمَيْرِ" الَّذِي بِإِزَاءِ "دَرْبِ طَلْحَةَ" دَاخِلَ "بَابِ تُوْمَا" وَيَسْكُنُ المَسْجِدَ. أَقُولُ -وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ-: "مَسْجِدُ ابْنِ عُمَيْرِ" فِي ثِمَارِ المَقَاصِدِ (٨٠، ١٣٠) عَنِ ابْنِ شدَّادِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ شدَّادٍ فِي الأعلاقِ الخَطِيْرَة (مَدِيْنَةُ دِمَشْقَ) (١١٢، ١٥٧).