للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَالَ غَيْرُهُ: وَدَرَّسَ بِـ"دَارِ الحَدِيْثِ الأشْرَفِيَّةِ" بِـ"السَّفْحِ"، وَشَهِدَ فَتْحَ "طَرَابُلُسَ" مَعَ السُّلْطَانِ المَلِكِ المَنْصُوْرِ. وَكَانَ شَابًّا، مَلِيْحًا، مَهْيْبًا، تَامَّ الشَّكْلَ، بِدِيْنًا، لَيْسَ لَهُ مِنَ اللِّحْيَةِ إلَّا شُعَيْرَاتٍ يَسِيْرَةٍ، وَكَانَ مَلِيْحَ السِّيْرَةِ، ذَكِيًّا، مَلِيْحَ الدُّرُوْسِ، لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الحِفْظِ، وَمُشَارَكَةٌ جَيِّدَةٌ فِي العُلُوْمِ، وَلَهُ شِعْرٌ جَيِّدٌ، فَمِنْهُ (١):

آيَاتُ كُتْبِ الغَرَامُ أَدْرُسُهَا … وَعَبْرَتِي لَا أُطِيْقُ أَحْبِسُهَا

لَبِسْتُ ثَوْبَ الضَّنَى عَلَى جَسَدِي … وَحُلَّةُ الصَّبْرِ لَسْتُ أَلْبَسُهَا

وَشَادِنٍ مَا رَمَى بِمُقْلَتِهِ … إِلَّا سَبَى العَالَمِيْنَ نَرْجِسُهَا

فَوَجْهُهُ جَنَّةٌ مُزَخْرَفَةٌ … لكِنْ بِنَبْلِ الجُفُوْنِ يَحْرُسُهَا

وَرِيْقُهُ خَمْرَةٌ مُعَتَّقَةٌ … دَارَتْ عَلَيْنَا مِنْ فِيْهِ أَكْؤُسُهَا

يَا قَمَرًا أَصْبَحَتْ مَلَاحَتُهُ … لَا يَعْتَرِيْهَا عَيْبٌ يُدَنِّسُهَا

صِلْ هَائِمًا إِنْ جَرَتْ مَدَامِعُهُ … تَلْحَقُهَا زَفْرَةٌ تُيَبِّسُهَا

تُوُفِّيَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ ثَانِي عَشَرَ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، بِمَنْزِلِهِ بِـ"قَاسِيُوْنَ". وَصُلِّيَ عَلَيْهِ ضَحْوَةَ يَوْمِ الأرْبِعَاءِ خَارِجَ جَامِعِ "الجَبَلِ"، وَحَضَرَهُ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ وَالأُمَرَاءُ، وَالقُضَاةُ، وَالأعْيَانُ، وَدُفِنَ عِنْدَ أَبِيْهِ وَجَدِّهِ، رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى، وَكَانَ عُمُرُهُ ثَمَانٍ (٢) وَثَلَاثِيْنَ سَنَةً.


(١) الأَبْيَات فِي "تَارِيخِ الإِسْلَامِ" وَغَيْرِهِ.
(٢) في (ط): "ثمانية".