للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَدْ يَهَبُهُ اللهُ تَعَالَى ذلِكَ بِاعْتِبَارِ المَنَامَاتِ فَقَط، أَوْ بِحَسَبِ عِلْمِ الرَّمْلِ فَقَط، فَلَا يُفْتَحُ لَهُ صِحَّةُ القَوْلِ وَالنُّطْقِ فِي غَيْرِهِ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ قُوَّةُ نَفْسٍ فِي هَذَا النَّوْعِ، صَالِحَةٌ فِي ذلِكَ لِعِلْمِ الرُّؤْيَا لَا يَكَادُ يُصِيْبُ إلَّا عَلَى النُّدُوْرِ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُ التَّوَجُّهُ لِعِلْمِ التَّعْبِيْرِ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ قُوَّةُ نَفْسٍ هُوَ الَّذِي يُنْتَفَعُ بِتَعْبِيْرِهِ. وَقَدْ رَأَيْتِ مَنْ لَهُ قُوَّةُ نَفْسٍ مَعَ القَوَاعِدِ، فَكَانَ يَتَحَدَّثُ بالعَجَائِبِ وَالغَرَائِبَ فِي المَنَامِ اللَّطِيْفِ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ الأشْيَاءُ الكَثِيْرَةُ، وَالأَحْوَالُ المُتَبَايِنَةُ، وَيُخْبِرُ فِيْهِ عَنِ المَاضِيَاتِ، وَالحَاضِرَاتِ، وَالمُسْتَقْبَلَاتِ، وَيَنْتَهِي فِي المَنَامِ اليَسِيْرِ إِلَى نَحْوِ مَائَةٍ مَنَ الأَحْكَامِ بِالعَجَائِبِ وَالغَرَائِبِ، حَتَّى يَقُوْلَ مَنْ لَا يَعْلَمُ أَحْوَالَ قِوَى النُّفُوْسِ: إِنَّ هَذَا مِنَ الجَانِّ وَالمُكَاشَفَةِ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، بَلْ هُوَ قُوَّةُ نَفْسٍ، تَجِدُ بِسَبَبِهَا تِلْكَ الأحْوَالِ عِنْدَ تَوَجُّهِهِ لِلْمَنَامِ. وَرَأَيْتَ أَنَا جَمَاعَةً مِنْ هَذَا النَّوع وَاخْتَبَرْتُهُمْ. انْتَهَى كَلَامُهُ. وَأَظُنُّهُ يُشِيْرُ إِلَى الشَّيْخِ شِهَابِ الدِّيْنِ المَذْكُوْرِ، فَإِنَّهُ كَانَ مُعَاصِرَهُ. وَلَهُ مُصَنَّفٌ فِي هَذَا العِلْمِ، سَمَّاهُ "البَدْرَ المُنِيْرِ" (١).

قَالَ الذَّهَبِيُّ؛ كَانَ إِمَامًا، فَاضِلًا. وَلَهُ مُصَنَّفٌ نَفِيْسٌ فِي "الأحْكَامِ". وَأَقَامَ مُدَّةً بِـ "القَاهِرَةِ"، وَمُدَّةً بِـ "دِمَشْقَ" وَبِهَا مَاتَ. وَوَلِيَ بِهَا مُدَّةَ شُهُوْرٍ مَشْيَخَةَ "دَارِ الحَدِيْثِ الأشْرَفِيَّةِ" بِـ "سَفْحِ قَاسِيُوْنَ"، وأَسْمَعَ بِهَا الحَدِيْثَ، ثُمَّ صُرِفَ عَنْهَا. وَذُكِرَ مُدَّةً لِقَضَاءِ الحَنَابِلَةِ. وَحَدَّثَ بِـ "دِمَشْقَ" وَ"مِصْرَ" وَغَيْرِهَا.

وَسَمِعَ مِنْهُ خَلْقٌ مِنَ الحُفَّاظِ وَغَيْرِهِمْ، كَالمِزِّيِّ، وَالبَرْزَالِيِّ، وَالذَّهَبِيِّ،


(١) في (ط): "النُّور. . ." وَلَا يَزَال مَخْطُوطًا، مِنْهُ نُسْخَةِ فِي مَكْتَبَةِ المُتحف طُوبقبوسرأي فِي تُرْكِيَا.