للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَسَافَرَ إِلَى "العِرَاقِ" وَدَخَلَ "أَصْبَهَانَ" وَغَيْرَهَا مِنَ البِلَادِ، وَكَانَ ثِقَةً، وَلَدَيْهِ فَضْلٌ، وَقِرَاءَةٌ حَسَنَةٌ فَصِيْحَةٌ، صَحِيْحَةٌ مُعرَبَةٌ، وَخَالَطَ الفُقَرَاءَ، وَصَارَتْ لَهُ أَوْرَادُ كَثِيرَةٌ، وَكَثْرَةُ تِلَاوَةٍ، وَاسْتَوْطَنَ دِيَارَ "مِصْرَ" وَتَزَوَّجَ وَوُلِدَ لَهُ بِهَا، وَصَارَتْ لَهُ بِهَا حَظْوَةٌ وَشُهْرَةٌ بِالحَدِيْثِ وَقِرَاءَتِهِ. وَكَانَ يَسْكُنُ "مِصْرَ"، وَيَتَرَدَّدُ إِلَى "القَاهِرَةِ" لِوَظَائِفِهِ وَمَوَاعِيدِهِ، وَكَانَ مُلَازِمًا لِلْتِّلَاوَةِ فِي مَشْيِهِ، مُوَاظِبًا علَى قِيَامِ اللَّيْلِ، كَثِيرَ القِرَاءَةِ لِلحَدِيْثِ وَالكِتَابَةِ وَالنَّسْخِ، مَعْمُوْرَ الأَوْقَاتِ بِالطَّاعَاتِ، وَنَسَخَ "الصَّحِيْحَيْنِ" بِخَطِّهِ، وَقَابَلَهُمَا وَقَرَأَهُمَا، وَبِيْعَا فِي تَرْكَتِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ؛ رَغْبَةً فِيْهِ، وَفِي تَصْحِيْحِه، وَاعْتِقَادًا فِي فَضِيْلَتِهِ وَدِيَانَتِهِ.

وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي"مُعْجَمِهِ": أَحَدُ الرَّحَّالِيْنَ، وَالحُفَّاظِ، وَالمُكْثِرِيْنَ، دَخَلَ إِلَى "أَصْبَهَانَ" طَمَعًا أَنْ يَجِدَ بِهَا رُوَاةً، فَلَمْ يَلْقَ شُيُوْخًا وَلَا طَلَبَةً، فَرَجَعَ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ كُتُبًا كِبَارًا، وَسَمِعَهَا مِرَارًا، وَكَانَ ثِقَةً، صَحِيْحَ النَّقْلِ، عَارِفًا بِالأَسْمَاءِ، مِنْ أَهْلِ الدِّيْنِ وَالعِبَادَةِ، مُفِيْدًا لِلطَّلَبَةِ بِـ "مِصْرَ". وَكَانَ كَثيرَ التِّلَاوَةِ وَالصَّلَاةِ، عَلى طَرِيْقَةِ السَّلَفِ فِي لُبْسِهِ وَتَوَاضُعِهِ، وَتَرْكِ التَّكَلُّفِ. وَوَصَفَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِالفَضِيْلَةِ، وَالفَصَاحَةِ، وَسُرْعَةِ القِرَاءَةِ.

وَحَدَّثَ وَسَمِعَ مِنْهُ البِرْزالِيُّ، وَالذَّهَبِيُّ، وَعبْدُ الكَرِيْمِ الحَلَبِيُّ؛ وَذَكَرُوهُ فِي مَعَاجِمِهِمْ، وَابْنُ المُهَنْدِسِ، وَغَيْرُهُمْ.

تُوُفِّيَ فِي آخِرِ نَهَارِ الثُّلَاثَاءِ رَابِعِ عَشْرِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِمَائَةَ بِـ "مِصْرَ" وَصُلِّيَ عَلَيْهِ مِنَ الغَدِ بِـ "جَامِعِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ"، وَدُفِنَ بِـ "القَرَافَةِ" بِالقُرْبِ مِنَ الشَّافِعِيِّ. رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.