للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ البِرْزَالِيُّ: أَحَدُ المَشَايِخِ العَارِفِيْنَ الصَّالِحِيْنَ، وَلَهُ كَلَامٌ حَسَنٌ، وَجَمْعٌ وَتَأْلِيْفٌ، وَهُوَ حَسَنُ الجُمْلَةِ، عَدِيْمُ التَّكْلِيْفِ، وَافِرُ الإِخْلَاصِ، مُتَّبِعٌ لِلْسُنَّةِ، حَسَنُ المُشَارَكَةِ فِي العِلْمِ، سَيِّدٌ مِنَ السَّادَاتِ.

وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: كَانَ إِمَامًا، فَقِيْهَ النَّفْسِ، عَارِفًا بِمُعَامَلَاتِ القُلُوْبِ، صَحِبَ خَلْقًا مِنَ المَشَايِخِ، وَأَخَذَ عَنْهُمْ أَخْلَاقَ القَوْمِ وَطَرِيْقَهُمْ، وَكَانَ حَسَنَ المُجَالَسَةِ، مُتَّبِعًا لِلْسُّنَّةِ، مُحَذِّرًا مِنَ البِدْعَةِ، كَثِيْرَ الطَّلَبِ، تَرَكَ أَبَاهُ وَنِعْمَتَهُ وَتَجَرَّدَ، وَدَخَلَ "الرُّوْمَ" وَ"الجَزِيْرَةَ" وَ"الشَّامَ" وَ"مِصْرَ" وَ"الحِجَازَ"، يَصْحَبُ بَقَايَا الصُّوْفِيَّةِ، وَيَقْتَفِي آثَارَهُمْ، وَحَفِظَ كَثِيرًا عَنْهُمْ، وَعَنْ مَشَايِخِ الطَّرِيْقِ، وَأَنْفَقَ كَثِيْرًا مِنَ الأَمْوَالِ مِنْ مِيْرَاثِهِ عَلَى الفُقَرَاءِ، وَقَرَأَ الفِقْهَ فِي شَبِيْبَتِهِ عَلَى مَذْهَبِ أَحمَدَ، وَجَاوَرَ بِالحَرَمَيْنِ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةَ، وَتأَهَّلَ وَوُلِدَ لَهُ، فَلَمَّا لَمَعَتْ لَهُ أَنْوَارُ شَيْخِنَا - يَعْنِي: ابْنِ تَيْمِيَّةَ - وَظَفَرَ بِأَضْعَافِ تَطَلُّبِهِ: ارْتَحَلَ إِلَى "دِمَشْقَ" بِأَهْلِهِ، وَاسْتَوْطَنَهَا، عَلَّقَتُ عَنْهُ أَشْيَاءَ، وَسَمِعْتُ مِنْ تَأْلِيْفِهِ خُطْبَةً بِلِيغَةً، وَصَحِبْتُهُ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةَ، وَسَمِعْتُ مِنْهُ جُزْءًا بِإِجَازَتِهِ مِنَ النَّشْتَبَرِيِّ.

قُلْتُ: سَمِعَ مِنْهُ البِرْزَالِيِّ، وَالذَّهَبِيُّ، وَذَكَرَاهُ فِي مُعْجَمَيهَا.

قَالَ الذَّهَبِيُّ: ابْتُلِيَ بِضِيْقِ النَّفْسِ سَبْعَةُ أَشْهُرٍ، ثُمَّ بِالاِسْتِسْقَاءِ. وَانْتَقَلَ إِلَى رَحْمَةِ اللهِ يَوْمَ الخَمِيْسِ، رَابِعَ عَشَرَ شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ إِحْدَى عشْرَةَ (١) وَسَبْعِمَائَةَ، وَدُفِنَ بِـ "قَاسِيُونَ" قَبْلَ الشَّيخِ عِمَادِ الدِّيْنِ الوَاسِطِيِّ بِيَوْمَيْنِ. وَأَنْشَدَنِي لِبَعْضِهِمْ (٢):


(١) فِي (ط): "عشر".
(٢) في (ط): "بعضهم".