للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِصْرَ"، وَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً، ثُمَّ حَجَّ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَجَاوَرَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ. ثُمَّ حَجَّ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى "الشَّامِ" إِلَى "الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ"، فَأَدْرَكَهُ الأَجَلُ فِي بَلَدِ "الخَلِيْلِ" عَلَيْهِ السَّلَامِ فِي شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسَبْعِمَائَةَ.

قُلْتُ: وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ شُيُوْخِنَا عمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ آخَرٍ: أَنَّهُ أَظْهَرَ لَهُ التَّوْبَةَ وَهُوَ مَحْبُوْسٌ، وَهَذَا مِنْ تَقِيَّتِهِ وَنِفَاقِهِ (١)؛ فَإِنَّهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ لَمَّا جَاوَرَ بِـ "المَدِيْنَةِ" كَانَ يَجْتَمِعُ هُوَ وَالسَّكَاكِيْنِيُّ شَيْخُ الرَّافِضَةِ، وَيَصْحَبُهُ، وَنَظَمَ فِي ذلِكَ مَا يَتَضَمَّنُ السَّبَّ لأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وَقَدْ ذَكَرَ ذلِكَ عَنْهُ شَيْخُنَا المَطَرِيُّ (٢)، حَافِظُ المَدِيْنَةِ وَمُؤَرِّخُهَا، وَكَانَ قَدْ صَحِبَهُ بِـ"المَدِيْنَةِ"، وَكَانَ الطُّوفِيُّ بَعْدَ سَجْنِهِ قَدْ نُفِيَ إِلَى "الشَّامِ"، فَلَمْ يُمْكِنْهُ الدُّخُولُ إِلَيْهَا (٣)؛


(١) قَدْ يُقَالُ: هَذَا لَا يَصِحُّ مِنَ الحَافِظِ ابْنِ رَجَبٍ - رَحِمَهُ اللهُ - فَإِذَا صَحَّ أَنَّهُ أَظْهَرَ التَّوْبَةَ فَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ، لَكِنَّ الحَافِظَ ابْنَ رَجَبٍ يَقْصُدُ أَنَّهُ بَعْدَ إِظْهَارِ تَوْبَتِهِ ظَهَرَ مِنْهُ مَا يُنَاقِضُهَا؟!
(٢) هُوَ شَيْخُهُ وَشَيْخُ أَبِيْهِ أَيْضًا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ خَلَفِ بْنِ عِيْسَى، عَفِيْفُ الدِّيْنِ بْنِ جَمَالِ الدِّيْنِ المِطَرِيُّ، الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، السَّعْدِيُّ، العُبَادِيُّ (ت: ٧٦٥ هـ)، مُؤَذِّنُ مَسْجِدِ رَسُوْلِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَابنُ مُؤَذِّنِهِ، أَصْلُهُ مِنَ "المَطَرِيَّةِ" بِـ "مِصْرَ" رَحَلَ إِلَى "مَكَّةَ" وَ"دِمَشْقَ" وَ"مِصْرَ" وَ"بَغْدَادَ" مُحَدِّثٌ، رَوَى الكَثِيْرَ، وَخَرَّجَ لَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ "جُزْءًا" مِنْ مَرْوِيَّاتِهِ، سَمِعَهُ عَلَيْهِ شِهَابُ الدِّيْنِ بْنُ رَجَبٍ بِقِرَاءَةِ وَلَدِهِ أَبِي الفَرَجِ عَلَيْهِ. يُرَاجَعُ: مُعْجَمِهِ (المُنْتَقَى) الشَّيْخُ رَقم (٢٣٠).
(٣) لَيْسَ هَذَا سَبَبًا كَافِيًا فِي عَدَمِ دُخُوْلِهِ "الشَّامَ" فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ جُمَاعَةٍ أَنَّ لَهُ قَصِيْدَةً يَهْجُو بِهَا "مِصْرَ وَأَهْلِهَا" أَيْضًا، وَلَمْ تَمْنَعُهُ مِنَ الإِقَامَةِ بِـ "مِصْرَ" إِلَّا أَنْ تَكُوْنَ قَصِيْدَتُهُ فِي هِجَاءِ "الشَّامِ" أَشَدَّ إِيْلَامًا مِنْهَا، وَهَذَا مَا يَظْهَرُ مِنْ أَبْيَاتِهَا. وَقَصِيْدَتُهُ فِي هِجَاءِ "مِصْرَ" أَشَارَ إِلَيْهَا ابْنُ جُمَاعَةٍ فِي "التَعْلِيْقَةِ" وَلَمْ يَذْكُرْهَا؛ رُبَّمَا لأَنَّهَا فِي هِجَاءِ قَوْمِهِ، فَهُوَ مِصْرِيٌّ، =