للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِـ "حَلَبَ" وَانْتَقَلَ مَعَ وَالِدِهِ إِلَى "دِمَشْقَ" سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ، وَسَمِعَ بِهَا مِنَ الرَّضي بنِ البُرْهَانِ، وَابْنِ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَيَحْيَى بْنِ النَّاصِحِ بْنِ الحَنْبَلِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَتَعَلَّمَ الخَطَّ المَنْسُوْبَ، وَنَسَخَ بِالأُجْرَةِ بِخَطِّهِ الأَنِيْقِ كَثِيْرًا. وَاشْتَغَلَ بِالفِقهِ علَى الشَّيخِ شَمْسِ الدِّيْنِ بْنِ أَبِي عُمَرَ، وَأَخَذَ العَرَبِيَّةَ عَنِ الشَّيْخِ جَمَالِ الدِّيْنِ بْنِ مَالِكٍ، وَتَأَدَّبَ بِالمَجْدِ ابْنِ الظَّهِيْرِ وَغَيْرِهِ، وَفُتِحَ لَهُ فِي النَّظْمِ وَالنَّثْرِ، ثُمَّ تَرَقَّتْ حَالُهُ، وَاحْتِيْجَ إِلَيْهِ، وَطُلِبَ إِلَى "الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ"، وَاشْتُهِرَ اسمُهُ، وَبَعُدَ صِيْتُهُ، وَصَارَ المُشَارَ إِلَيْهِ فِي هَذَا الشَّأْنِ فِي الدِّيَارِ الشَّامِيَّةِ وَالمِصْرِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ التَّقَالِيْدَ الكِبَارَ بِلَا مُسَوَّدَةٍ.

وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي الإِنْشَاءِ وَغَيْرِهِ (١)، وَدَوَّنَ الفُضَلَاءُ نَظْمَهُ وَنَثْرَهُ، وَيُقَالُ:


(١) لَمْ يَذْكُرِ المُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللهُ - شَيْئًا مِنْ مُؤَلَّفَاتِهِ. وَمِنْ أَشْهَرِهَا: "حُسْنُ التَّوَسُّل فِي صِنَاعَةِ التَّرَسُّلِ" طُبِعَ فِي "بَغْدَادَ" سَنَةَ (١٩٨٠ م) بِتَحْقِيقِ أَكْرَم عُثْمَان يُوْسُفِ، ولَهُ: "أَهْنَى المَنَائِحِ فِي أَسْنَى المَدَائِحِ" وَ"مَنَازِلُ الأَحْبَابِ وَمَنَازِهُ الأَلْبَابِ"، وَذَيَّلَ عَلَى كِتَابِ "الكَامِلِ" فِي التَّارِيْخِ لابنِ الأثِيْرِ، كَمَا ذَيلَ عَلَى "ذَيْلِ مِرْآةِ الزَّمَانِ" للقُطبِ اليُوْنِيْنِيِّ، وَلَهُ "مَقَامَةُ العُشَّاقِ" وَشَعْرٌ كَثيْرٌ يَدْخُلُ فِي ثَلَاثِ مُجَلَّدَاتٍ كَمَا قَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ، وَلَو جُمِعَ المَوْجُوْدُ مِن شِعْرِهِ الآنَ فِي المَصَادِرِ لَجَاءَ فِي مُجَلَّدٍ. وَلَا أَعْلَمَ أَنَّهُ جُمِعَ. وَلَهُ كَلَامٌ مَنْثوْرٌ كَثِيْرٌ جِدًّا، قَالَ صَلَاح الدِّين الصَّفَدِيُّ: "وَأَمَّا نَثْرُهُ فَيَجيءُ فِي ثلاثِيْن مُجَلَّدًا". وَكَانَ أَخِيْرًا بِـ "الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ" يُنْشِئُ هُوَ، وَيَكْتُبُ وَلَدُهُ القَاضِي جَمَالُ الدِّيْنِ إِبْرَاهِيْمُ فَيَجِيْءُ المَنْشُوْرُ أَوِ التَّوْقِيع فَائِقًا فِي خَطِّهِ وَلَفْظِهِ. وَعَلَى الجُمْلَةِ فَلَمْ أَرَ مَنْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسمُ الكَاتِب غَيْرَهُ؛ لأَنَّهُ كَانَ نَاظِمًا، نَاثِرًا، عَارِفًا بِأَيَّامِ النَّاسِ وَتَرَاجِمِهِمْ، وَمَعْرِفَةِ خُطُوْطِ الكُتَّابِ، ولَهُ الرِّوَايَاتُ العَالِيَةُ بِأُمَّهَاتِ كُتُبِ الأَدَبِ وَغَيْرِهِ، وَرَأَى الأشْيَاخَ =