للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَعُمَرَ الكَرْمَانِيِّ. ثُمَّ سَمِعَ مِنِ ابنِ البُخَارِيِّ وَطَبَقَتِهِ، وَأَكْثَرَ عَنِ ابنِ الكَمَالِ. وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ، وَعُنِيَ بِالحَدِيْثِ، وَتَفَقَّهَ وَبَرَعَ وَأَفْتَى، وبَرَعَ فِي العَرَبِيَّةِ، وَتَصدَّى للاشْتِغَالِ وَالإفَادَةِ، وَاشْتُهِرَ اسْمُهُ، مَعَ الدِّيَانَةِ وَالوَرَعِ، وَالزُّهْدِ، وَالاقْتِنَاعِ بِاليَسِيْر.

ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِ القَاضِي تقِيِّ الدِّيْنِ سُلَيْمَانَ وَرَدَ تَقْلِيْدُهُ لِلْقَضَاءِ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ عِوَضَهُ، فَتَوَقَّفَ فِي القَبُوْلِ، ثُمَّ اسْتَخَارَ اللهَ وَقَبِلَ (١)،


= بِوَلَايَتِهِ خَيْرٌ كَثِيْرٌ، وَلَا تَغَيَّرَ لُبْسُهُ وَلَا هَيْئَتُهُ، وَلَا اتَّخَذَ مَرْكُوْبًا، بَلْ يَدْخُلُ غَالِبًا مِنَ "الصَّالِحِيَّةِ" إِلَى البَلَدِ مَاشِيًا، وَلَا أَضَافَ إِلَى نَفْسِهِ وِلَايَةَ مَدْرَسَةٍ، وَلَا نَظَرَ بِمَعْلُوْمٍ" وَأَكَّدَ ذلِكَ الصَّفَدِيُّ فَقَالَ: "وَكَانَ يَنْزِلُ مِنَ "الصَّالِحِيَّةِ" إِلَى "الجَوزِيَّةِ" مَاشِيًا، وَرُبَّمَا رَكِبَ حِمَارَ مُكَارٍ، وَكَانَ مِئْزَرَهُ سَجَّادَتُهُ، وَدَوَاةُ الحُكْمِ زُجَاجَةً، وَاتَّخَذَ فُرْجِيَّةً مُقْتَصِدَةً مِنْ صُوْفٍ، وَكَبَّرَ العِمَامَةِ قَلِيْلًا، وَنَهَضَ بِأَعْبَاءِ الحُكْمِ بِعِلْمٍ وَقُوَّةٍ … وَشَهِدَ لَهُ أَهْلُ العِلْمِ وَالدِّيْنِ أَنَّهُ مِنْ قُضَاةِ العَدْلِ".
وَذَكَرَ البِرْزَالِيُّ أَيْضًا أَنَّهُ حَضَرَ عِدَّةَ غَزَوَاتٍ مِنْها: "طَرَابُلُسَ" وَ"عَكَّا" وَ"قَلْعَةُ الرُّومِ". . ." وَقِيْلَ فِي وَصْفِهِ أَنَّهُ أَبْيَضُ، تَامُّ القَامَةِ، رَقِيْقٌ، مُعْتَدِلٌ، سَاكِنٌ، حَسَنُ السَّمْتِ، خَفِيْفُ اللِّحْيَةِ، قَلِيْلُ الشَّيْبِ حَيِيُّ العَيْنِ، ذُو حِلْمٍ وَأَناءَةٍ، وَدِيْنٍ وَوَرَعٍ".
(١) قَالَ البِرْزَالِيُّ: "بَعْدَ وَفَاةِ قَاضِي القُضَاةِ تَقِي الدِّيْنِ - رَحِمَهُ اللهُ - بِنِصْفِ شَهْرٍ، وَبَعْدَ أَيَّامٍ يَسِيْرَة اسْتَنَابَ فِي الحُكْمِ الشَّيْخَ، الإِمَامَ، شَرَفَ الدِّيْنِ عَبْدَ اللهِ بنَ الشَّيْخِ شَرَفِ الدِّيْنِ الحَسَنِ بنِ الحَافِظِ جَمَالِ الدِّيْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ المَقْدِسِيَّ". وَقَالَ الصَّفَدِيُّ: "فَلَمَّا تُوُفِّيَ القَاضِي سُلَيْمَان عُيِّنَ للقَضَاءِ، وَأُثْنِيَ علَيْهِ عِنْدَ السُّلْطَانِ بالعِلْمِ وَالنُّسْكِ وَالسَّكِيْنَةِ، فَوَلَّاهُ القَضَاءَ، فَتَوَقَّفَ فَطَلَعَ إِليْهِ الشَّيْخُ تقِيُّ الدِّيْنِ بنُ تَيْمِيَّةَ إِلَى بَيْتِهِ وَقَوَّى عَزْمَهُ وَلَامَهُ، فَأَجَابَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَرْكَبَ بَغْلَةً. . .".