للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَبُطْءِ النِّسْيَانِ، حَتَّى قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَحْفَظُ شَيْئًا فِيَنْسَاهُ. ثُمَّ تُوُفِّيَ وَالِدُهُ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّيْنِ المُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ، وَكَانَ لَهُ حِيْنَئِذٍ إِحْدَى وَعِشْرِيْن (١) سَنَةً، فَقَامَ بِوَظَائِفِهِ بَعْدَهُ، فَدَرَّسَ بِـ "دَارِ الحَدِيْثِ السُّكَّرِيَّةِ" (٢) فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَمَانِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ. وَحَضَرَ عِنْدَهُ قَاضِي القُضَاةِ بَهَاءُ الدِّيْنِ بنُ الزَّكِيِّ، والشَّيْخُ تَاجُ الدِّيْنِ الفَزَارِيُّ، وَزَيْنُ الدِّيْنِ بنُ المُرَحِّلِ، والشَّيْخُ زَيْنُ الدِّيْنِ بنُ المُنَجَّى وَجَمَاعَةٌ، وَذَكَرَ دَرْسًا عَظِيْمًا فِي البَسْمَلَةِ، وَهُوَ مَشْهُوْرٌ بَيْنَ النَّاسِ، وَعَظَّمَهُ الجَمَاعَةُ الحَاضِرُوْنَ، وَأَثْنَوا عَلَيْهِ ثَنَاءً كَثِيْرًا.

قَالَ الذَّهَبِيُّ: وَكَانَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّيْنِ الفَزَارِيُّ يُبَالِغُ فِي تَعْظِيْمِهِ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّيْنِ بِحَيْثُ إِنَّهُ عَلَّقَ بِخَطِّهِ دَرْسَهُ بِـ "السُّكَّرِيَّةِ". ثُمَّ جَلَسَ عَقِبَ ذلِكَ مَكَانَ وَالِدِهِ بِالجَامِعِ عَلَى مِنْبَرِ أَيَّامِ الجُمَعِ، لِتَفْسِيْرِ القُرْآنِ العَظِيْمِ، وَشرَعَ مِنْ أَوَّلِ القُرْآنِ فَكَانَ يُوْرِدُ مِنْ حِفْظِهِ فِي المَجْلِسِ نَحْوَ كُرَّاسَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، وَبَقِي يُفَسِّرُ فِي سُوْرَةِ نُوْحٍ، عِدَّةَ سِنِيْنَ أَيَّامَ الجُمَعِ. وَفِي سَنَةَ تِسْعِيْنَ ذَكَرَ عَلَى الكُرْسِيِّ يَوْمَ جُمُعَةٍ شَيْئًا مِنَ الصِّفَاتِ، فَقَامَ بَعْضُ المُخَالِفِيْنَ، وَسَعَوا فِي مَنْعِهِ مِنَ الجُلُوْسِ، فَلَمْ يُمْكِنْهُمْ ذلِكَ.


(١) كذَا فِي الأُصُولِ وَصَوَابُهَا "وَعِشْرُوْنَ".
(٢) المَدْرَسَة السُّكَّرِيَّةُ تُعْرَفُ بِـ "دَارَ الحَدِيْثِ السُّكَّرِيَّةِ" أَيْضًا. وَاقِفُهَا شَرَفُ الدِّيْنِ بنُ السُّكَّرِيِّ (ت: ٦٧١ هـ) ذَكَرَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيْخِ الإِسْلامِ (٦٩) وَقَالَ: "عَدْلٌ، رَئِيْسٌ، مَشْهُوْرٌ. وَقَفَ دَارَهُ بِـ "القَصَّاعِيْنَ" لأَهْلِ العِلْمِ وَالحَدِيْثِ، وَهِيَ الَّتِي يَسْكُنُهَا شَيْخُنَا ابنُ تَيْمِيَّةَ".