وَطُبِعَ لَهُ كِتَابُ "طَبَقَاتِ عُلَمَاءِ الحَدِيْثِ"، وَهَذَا الكِتَابُ لَمْ يَذْكُرْهُ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ، وَهَذَا لَا يُشَكِّكُ فِي نِسْبَتِهِ إِلَيْهِ، فَقَدْ ذَكَرَهُ الصَّفَدِيُّ فِي الوَافِي بِالوَفَيَاتِ (٢/ ١٦١)، وَأَعْيَانُ العَصْرِ (٤/ ٢٧٤)، بِاسْمِ "تَرَاجِمِ الحُفَّاظِ"، وَابْنُ نَاصِر الدِّيْنِ فِي الرَّدِّ الوَافِر (٣٠، ٥٨) بِاسْمِ "طَبَقَاتِ الحُفَّاظِ"، والحُفَّاظُ هُمْ المُحَدِّثُوْنَ بِلَا إِشْكَال، وَلَيْسَ فِي الكِتَابِ مَا يُنَافِي هَذِهِ النِّسْبَةِ … وَطُبِعَ الكِتَابُ فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتِ مُتَوَسِّطَةِ الحَجْم فِي مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة سَنَةَ (١٤٠٩ هـ) بِتَحْقِيْقِ أَكْرَم البُوشي، وَأَجَادَ فِي تَحْقِيْقِهِ وَأَفَادَ، جَزَاهُ اللهُ خَيْرًا، إِلَّا أَنَّهُ غَيَّرَ عُنْوَان الأَصْلِ "مُخْتَصَرٌ فِي طَبَقَاتِ عُلَمَاءِ الحَدِيْثِ"، فَحَذَفَ كَلِمَةَ "مُخْتَصَرٌ في" لِيَبْقَى العُنْوَان: "طَبَقَاتِ عُلَماءِ الحَدِيْثِ"، وَذلِكَ أَنَّهُ يَرَى أَنَّ المُؤَلِّفَ لَمْ يَخْتَصِرْهُ مِنْ كِتَابٍ، قَالَ: "وَهَذَا يَدُلُّ علَى أَنَّ لفْظَ الاِخْتِصَارِ مُنْصَرِفٌ إِلَى مَضْمُونِ الكِتَابِ نَفْسِهِ؛ أَيْ: إِنَّهُ لَمْ يَتَوسَّعْ فِي مَادَّةِ تَرَاجِمِهِ، بَلْ أَتَى بِهَا مُخْتَصَرَةً. . ." وَاسْتَدَلَّ علَى ذلِكَ بِـ "تَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ"، وَ"وفَيَاتِ الأَعْيَانِ". . .أَقُولُ: - وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ -: هَذَا كُلُّهُ لَا يُبِيْحُ لَهُ تَغْيِير عُنْوَان الكِتَابِ، لأَنَّ المُحَقِّقَ نَفْسَهُ، وَضَعَ احْتِمَالَ أَنْ يَكُوْنَ اخْتِصَارًا لِكِتَابِهِ "العُمْدَةَ فِي الحُفَّاظِ" فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ عَلَى اسْتِحْيَاء، وَمَادَامَ هُنَاكَ احْتِمَالٌ فَيَجِبُ أَنْ يَبْقَى "مُخْتَصَرٌ فِي. . ." عَلَى وَضْعِهِ، وَلَوْ ذَهَبْنَا إِلَى الاِحْتِمَالِ الأَوَّل، وَأَنَّهُ مُنْصَرِفٌ إِلَى مَضْمُونِهِ؛ فَإِنَّ المُؤَلِّفَ اخْتَارَ لَهُ هَذَا العُنْوَانِ لِيُنَاسِبَ هَذَا المَضْمُونِ؛ مِنْ نَاحِيَتَيْنِ الأُوْلَى: أَنَّهُ مُخْتَصَرٌ حَقًّا، فَلَوْ ذَهَبَ إِلَى اسْتِيْفَاءِ مَا قِيْلَ عَنْ كُلِّ حَافِظٍ مِنْهُمْ: لَجَاءَ فِي مُجَلَّدَاتٍ كَثِيْرَةٍ كَمَا فَعَلَ الحَافِظُ المِزِّيُّ فِي "تَهْذِيْبِ الكَمَالِ"، وَالأُخْرَى: أَنَّ المُؤَلِّفَ نَحَى بِهَذِهِ التَّسْمِيَة مَنْحَى التَّوَاضُعِ، لَا سِيَّمَا أَنَّهُ ألَّفَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ فِي حَيَاةِ كِبَارِ الحُفَّاظِ مِنْ شُيُوْخِهِ وَغَيْرِهِمْ؛ لِذَا وَجَبَ أَنْ تَبْقَى التَّسْمِيَةُ، وَلَا يَحْسُنُ تَغْيِيْرُهَا، وَلَوْ كَانَتْ النُّسْخَة لَا تَحْمِلُ عُنْوَانًا، أَوْ تَحْمِلُ أَكْثَرَ مِنْ عُنْوَان مِنْ بَيْنِهَا هَذَا لَكَانَ لَهُ حَقُ الاِجتِهَادِ وَالاِخْتِيَارِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute