للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تَهْدِيْدًا عَظِيْمًا، فَقَالُوا: نَحْنُ فِي يَدِ هَذَا الرَّجُلِ فِي بَلِيَّةٍ مِنِ اسْتِيْلَائِهِ عَلَيْنَا بِالعَامَّةِ، وَأَرَدْنَا أَنْ نَقْطَعَ شَرَّهُ عَنَّا، فَأَمَرَ بِهِمْ، وَوَكَّلَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى مَنْزِلِهِ حَتَّى كَتَبَ خَطَّهُ بِمَبْلَغٍ عَظِيْمٍ مِنَ المَالِ يُؤَدِّيْهِ إِلَى خِزَانَةِ السُّلْطَانِ جِنَايَةً، وَسَلِمُوا بِأَرْوَاحِهِمْ بَعْدَ الهَوَانِ العَظِيْمِ.

وَقَدْ جَرَى لِشَيْخِ الإسْلَامِ مِحَنٌ فِي عُمُرِهِ، وَشُرِّدَ عَنْ وَطَنِهِ مُدَّةً. فَمِنْ ذلِكَ أَنَّ قَوْمًا مِنَ المُتَصَوِّفَةِ بِـ "هَرَاةَ" عَاثُوا وَأَفْسَدُوا بِأَيْدِيْهِمْ عَلَى وَجْهِ الإِنْكَارِ، فَنَسَبَ ذلِكَ إِلَى الشَّيْخِ، وَلَمْ يَكُنْ بِأَمْرِهِ وَلَا رِضَاهُ، فَاتَّفَقَ أَكَابِرَ أَهْلِ البَلَدِ عَلَى إِخْرَاجِ الشَّيْخِ وَأَوْلَادِهِ وَخَدَمِهِ، فَأَخْرَجُوْهُ يَوْمَ الجُمُعَةِ عِشْرِيْنَ رَمَضَان سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَة قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يُمْهَلْ لِلصَّلَاةِ، فَأَقَامَ بِقُرْبِ البَلَدِ، فَلَمْ يَرْضَوا مِنْهُ بذلِكَ فَخَرَجَ إِلَى "بُوْشَنَجَ" وَكَتَبَ أَهْلُ "هَرَاةَ" مَحْضَرًا بِمَا جَرَى، وَأَرْسَلُوْهُ إِلَى السُّلْطَانِ، فَجَاءَ جَوَابُ السُّلْطَانِ وَوَزِيْرِهِ نِظَامِ المُلْكِ بِإِبْعَادِ الشَّيْخِ وَأَهْلِهِ وَخَدَمِهِ إِلَى مَا وَرَاءِ النَّهْرِ، وَقُرِئُ الكِتَابُ الوَارِدُ بِذلِكَ فِي الجَامِعِ عَلَى مَنْبَرِ يَحْيَى بنِ عَمَّارٍ، وَفِيْهِ حَطٌّ عَلَى الشَّيْخِ، فَأُخْرِجَ الشَّيْخُ وَمَنْ كَانَ يَعْقِدُ المَجْلِسَ مِنْ أَقَارِبِهِ خَاصةً إِلَى "مَرْوَ"، ثُمَّ وَرَدَ الأَمْرُ بِرَدِّهِ إِلَى "بَلْخَ" ثُمَّ إِلَى "مَرْوَ الرُّوْذِ" (١) ثُمَّ


(١) مِنْ أَشْهَرِ مُدُنِ "خُرَاسَان"، بَلْ هِيَ عَاصِمَةُ الإِقْلِيْمِ، وَهِيَ مَدِيْنَتَانِ، مَرْوُ الرُّوْذِ - بالذَّال المُعْجَمَةِ - وَهِيَ بِالفَارِسِيَّةِ - النَّهْرُ، وَمَرْوُ الشَّاهِجَانِ، بَيْنَهُمَا خَمْسَةُ أَيَّامٍ، وَالأَخِيْرَةُ" مَرْوُ الشَّاهِجَانِ" هِيَ الكَبِيْرةُ العَظِيْمَةُ. يُرَاجَعَ: مُعْجَمُ البُلدانِ (٥/ ١٣٢)، وَتَقْوِيْمُ البُلْدَانِ (٤٥٦)، وَالأَنْسَابُ (١٢/ ٢٠٧). قَالَ يَاقُوْتٌ الحَمَوِيُّ: "وَقَدْ أَخْرَجَتْ =