بِمَكَانِهِ، وَدَعَوا لَهُ بالخَيْرِ. وَكَانَ مِنْ عَادَةِ إِسْحَقَ القَرَّابِ الحَافِظِ الحَثُّ عَلَى الاخْتِلَافِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، وَالبَعْثُ عَلَى القِرَاءَةِ عَلَيْهِ، وَاسْتِمَاعِ الأحَادِيْثَ بِقِرَاءَتِهِ، وَالاسْتِفَادَةِ مِنْهُ، وَالمُوَاظَبَةِ عَلَى مَجْلِسِهِ، وَالاخْتِيَارِ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ. وَكَانَ يَقُوْلُ: لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكْذِبَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَاذِبٌ مِنَ النَّاسِ، وَهَذَا الرَّجُلُ فِي الأحْيَاءِ. قَالَ: وَكُلُّ مَنْ لَقِيْتُ مِنْ أَهْلِ "هَرَاةَ" وَفِي سَائِرِ البُلْدَانِ، حِيْنَ خَرَجْتُ مُسَافِرًا، وَمَن سَمِعْتُ بِخَبَرٍ مِنْهُم فِي الآفَاقِ مِنَ القُضَاةِ وَالأئمَّةِ وَالأفَاضِلِ، وَالمَذْكُوْرِيْنَ، كَانُوا يُحْسِنُوْنَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ، وَلَا يُنْكِرُوْنَ فَضْلَهُ.
وَقَالَ الرُّهَاوِيُّ: "سَمِعْتُ أَبَا بِشْرٍ الهَمَذَانِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ شَيْخِي عَبْدَ الهَادِي الَّذِي أَخَذْتُ عَنْهُ العِلْمَ يَقُوْلُ: عَبْدُ اللهِ الأَنْصارِيُّ يُعَدُّ فِي العَبَادِلَةِ. قَالَ الرُّهَاوِيُّ: عَبْدُ الهَادِي هَذَا مِنْ أَئِمَّةِ "هَمَذَانَ".
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو النَّصْرِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ الفَامِيُّ فِي "تَارِيْخِ هَرَاةَ" شيْخَ الإسْلَامِ الأَنْصَارِيَّ، فَقَالَ: كَانَ بِكْرَ الزَّمَانِ، وَزِنَادَ الفَلَكِ، وَوَاسِطَةَ عِقْدِ المَعَانِي وَالمَعَالِي، وَصُوْرَةَ الإقْبَالِ فِي فُنُوْنِ الفَضَائِلِ، وَأَنْوَاعِ المَحَاسِن.
وَمِنْهَا: نُصْرَةُ الدِّيْنِ وَالسُّنَّةِ، وَالصَّلَابَةِ فِي قَهْرِ أَعْدَاءِ المِلَّةِ، وَالمُتَحَلِّيْنَ بِالبِدْعَةِ، حَيِيَ عَلَى ذلِكَ عُمُرَهُ، مِنْ غَيْرِ مُدَاهَنَةٍ وَمُرَاقَبَةٍ (١) لِسُلْطَانٍ وَلَا وَزِيْرٍ، وَلَا مُلَايَنَةٍ مَعَ كَبِيْرٍ وَلَا صَغِيْرٍ، وَقَدْ قَاسَى بِذلِكَ السَّبَبِ قَصْدَ الحُسَّادِ فِي كلِّ وَقْتٍ وَزَمَانٍ، وَمُنِيَ بِكَيْدِ الأَعْدَاءِ فِي كُلِّ حِيْنٍ وَأَوَانٍ، وَسَعَوا فِي رُوْحِهِ مِرَارًا، وَعَمَدُوا إِلَى هَلَاكِهِ أَطْوَارًا، مُقَدِّرِيْنَ بِذلِكَ الخَلَاصَ مِنْ يَدِهِ
(١) سَاقطٌ من (أ).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute