للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الإمَامُ، شَيْخُ الإسْلَامِ بِـ "هَرَاةَ"، صَاحِبُ القَبُوْلِ فِي عَصْرِهِ، وَالمَشْهُوْرُ بِالفَضْلِ وَحُسْنِ الوَعْظِ وَالتَّذْكِيْرِ فِي دَهْرِهِ، لَمْ يَرَ أَحَدٌ مِنَ الأَئِمَّةِ فِي فَنِّهِ حُلْمًا مَا رَآهُ عَيَانًا، مِنَ الحِشْمَةِ الوَافِرَةِ القَاهِرَةِ، وَالرَّوْنَقِ الدَّائِمِ، وَالاسْتِيْلَاءِ عَلَى الخَاصِّ وَالعَامِّ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ، وَاتَسَاقِ أُمُوْرِ المُرِيْدِيْنَ وَالأَتْبَاعِ، وَالغَالِيْنَ فِي حَقِّهِ، وَالتِئَامِ المَدَارِسِ، وَالأَصْحَابِ، وَالخَانِقَاهُ، وَنُوَّابِ المَجَالِسِ، إِلَى غَيْرِ ذلِكَ مِمَّا هُوَ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى الشَّرْحِ.

وَكَانَ عَلَى حَظٍّ تَامٍّ مِنَ العَرَبِيَّةِ، وَمَعْرِفَةِ الأَحَادِيْثِ، وَالأَنْسَابِ، وَالتَّوَارِيْخِ، إِمَامًا كَامِلًا فِي التَّفْسِيْرِ وَالتَّذْكِيْرِ، حَسَنَ السِّيْرَةِ وَالطَّرِيْقَةِ فِي التَّصَوُّفِ وَمُبَاشَرَةِ التَّصَوُّفِ، وَمُعَاشَرَةِ الأَصْحَابِ الصُّوْفِيَّةِ، مُظْهِرَ السُّنَّةِ، دَاعِيًا إِلَيْهَا، مُحَرِّضًا عَلَيْهَا، غَيْرَ مُشْتَغِلٍ بِكَسْبِ الأَسْبَابِ وَالضِّيَاعِ وَالعَقَارِ، وَالتَّوَغُّلِ فِي الدُّنْيَا، مُكْتَفِيًا بِمَا يُبَاسِطُ بِهِ المُرِيْدِيْنَ وَالأَتْبَاعَ مِن أَهْلِ مَجْلِسِهِ فِي السَّنَةِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، حَاكِمًا عَلَيْهَا حُكْمًا نَافِذًا بِمَا كَانَ يَحْتاجُ إِلَيْهِ هُوَ وَأَصحَابُهُ مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ عَلَى رَأْسِ المَلإِ، فَيَحْصُلُ عَلَى أُلُوْفٍ مِنَ الدَّنَانِيْرِ بِهَا، وَأَعْدَادٍ جَمَّةٍ مِنَ الثِّيَابِ وَالحُلِيِّ، وَغَيْرِ ذلِكَ، فَيَجْمَعُهَا وَيُفَرِّقُهَا عَلَى الخَبَّازِ، وَالبَقَّالِ، وَالقَصَّابِ، وَيُنْفِقُ مِنْهَا، مُوَسِّعًا فِيْهَا مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ، وَلَا يَأْخُذُ مِنَ السَّلَاطِيْنِ وَالظَّلَمَةِ وَالأَعْوَانِ وَأَركَانِ الدَّوْلَةِ شَيْئًا، وَقَلَّمَا يُرَاعِيْهِمْ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ، وَلَا يُبَالِي بِهِمْ، فَبَقِيَ عَزِيْزًا مَقْبُولًا، قَبُوْلًا أَتَمَّ مِنَ المَلِكِ عَلَى الحَقِيْقَةِ، مُطَاعَ الأَمْرِ قَرِيْبًا مِنْ سِتِّيْنَ سَنَةً، مِنْ غَيْرِ مُزَاحَمَةٍ، وَلَا فُتُوْرٍ فِي الحَالِ.

وَمِنْ خَصَائِصِهِ: أَنَّهُ كَانَ حَضرَ المَجْلِسَ لَبِسَ الثِّيَابَ الفَاخِرَةَ، وَرَكِبَ