للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَكَتَبَ أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ (١): أَنَّ إِطْلَاقَ مَلِكِ المُلُوْكِ جَائِزٌ، وَيَكُوْنُ مَعْنَاهُ: مَلِكُ مُلُوْكِ الأَرْضِ، وَإِذَا جَازَ أَنْ يُقَالَ: "قَاضِيْ القُضَاةِ"، وَ"كَافِي الكُفَاةِ"، جَازَ أَنْ يُقَالَ: "مَلِكُ المُلُوْكِ". وَكَتَبَ التَّمِيْمِيُّ نَحْوَ ذلِكَ، وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الهَمَذَانِيّ (٢): أَنَّ القَاضِي المَاوَرْدِيُّ مَنَعَ مِنْ جَوَازِ ذلِكَ.

قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: وَالَّذِي ذَكَرَهُ الأَكْثَرُوْنَ هُوَ القِيَاسُ إِذَا قُصِدَ بِهِ مُلُوْكُ الدُّنْيَا، إلَّا أَنِّي لَا أَرَى إِلَّا مَا رَآهُ المَاوَرْدِيُّ؛ لأنَّهُ قَدْ صَحَّ فِي الحَدِيْثِ مَا يَدُلُّ عَلَى المَنْعِ، لكِنَّهُمْ عَنِ النَّقْلِ بِمَعْزِلٍ، ثُمَّ سَاقَ حَدِيْثَ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي فِي الصَّحِيْحَيْنِ. وَابنُ الجَوْزِيِّ وَافَقَ عَلَى جَوَازِ التَّسْمِيَةِ بِـ "قَاضِي القُضَاةِ" وَنَحْوِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ القَيِّمِ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: وَفِي مَعْنَى ذلِكَ - يَعْنِي: مَلِكَ المُلُوْكِ - كَرَاهِيَةُ التَّسْمِيَةِ بـ "قَاضِي القُضَاةِ"، وَ"حَاكِمِ الحُكَّامِ" فَإِنَّ حَاكِمَ الحُكَّامِ فِي الحَقِيْقَةِ هُوَ اللهُ تَعَالَى، وَقَدْ كَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الدِّيْنِ وَالفَضْلِ يَتَوَرَّعُوْنَ عَنْ إِطْلَاقِ لَفْظِ "قَاضِي


= مُعْجَمُ البُلْدَانِ (٣/ ٤٩٨).
(١) هُوَ طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ، أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ الشَّافِعِيُّ الإمَامُ العَلَّامَةُ (ت: ٤٥٠ هـ). أَخْبَارُهُ في: سِيْرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (١٧/ ٦٦٨)، وَطَبَقَاتِ الشِّيْرَازِيِّ (١٢٧)، وَالشَّذَرَاتِ (٣/ ٢٨٤).
(٢) مُحَمَّد بنُ عَبدِ المَلكِ الهَمَذَانِيُّ هُوَ المَعْرُوْفُ بـ "الكَرَجِيِّ" (ت: ٥٣٢ هـ) تَقَدَّم الحَديْثُ عَنْهُ في تَرْجَمَةِ شَيْخِ الإِسْلَامِ الأَنْصَارِيِّ (ت: ٤٨١ هـ) والمَاوَرْدِيُّ هو الإمَامُ العَلَّامَةُ المَشْهُوْرُ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ (ت: ٤٠٥ هـ) صَاحِبُ "الحَاوِي" في الفِقْهِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ. يُرَاجَعُ: تَارِيْخُ بَغْدَادَ (١٢/ ١٠٢)، وَطَبَقَاتُ الفُقَهَاءِ (١٣١).