الخَيَّاطِ، وَالنَّاسُ عَلَى البَابِ مُجْتَمِعُونَ، وَهُمْ يَقُوْلُوْنَ: إنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي مَنْصُوْرٍ، فَدَخَلْتُ المَسْجِدَ، وَقَصَدْتُ إِلَى الزَّاوِيَةِ الَّتي كَانَ يَجْلِسُ فِيْهَا الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُوْرٍ، فَرَأَيْتُهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ زَاوِيَتِهِ، وَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ شَخْصٍ، فَمَا رَأَيْتُ شَخْصًا أَحْسَنَ مِنْهُ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الَّذي وُصِفَ لَنَا، وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ مَا رَأَيْتُ أَشَدَّ بَيَاضًا مِنْهَا، وَعَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ بَيْضَاءُ، وَالشَّيْخُ أَبُو مَنْصُوْرٍ مُقْبِلٌ عَلَيْه بِوَجْهِهِ، فَدَخَلْتُ فَسَلَّمْتُ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، وَلَمْ أَتَحَقَّقْ مِنَ الرَّادُّ عَلَيَّ؛ لِدَهْشَتِي بِرُؤْيَةِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَجَلَسْتُ بَيْنَ أَيْدِيْهِمَا، فَالتَفَتَ إِلَيَّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ غَيْرِ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، أَوْ أَسْتَفْتِحَهُ بِكَلَامٍ أَصْلًا، وَقَالَ ليْ: عَلَيْكَ بِمَذْهَبِ هَذَا الشَّيْخِ، عَلَيْكَ بِمَذْهَبِ هَذَا الشَّيْخِ، عَلَيْكَ بِمَذْهَبِ هَذَا الشَّيْخِ. قَالَ الحَافِظُ أَبُو الفَضْلِ: وَأَنَا أُقْسِمُ بِاللهِ ثَلَاثًا، وَأَشْهَدُ بِاللهِ لَقَدْ قَالَ لِي ذلِكَ رَسُوْلُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاثًا، وَيُشِيْرُ في كُلِّ مَرَّةٍ بِيَدِهِ اليُمْنَى إِلَى الشَّيْخِ أَبي مَنْصُوْرٍ، قَالَ: فَانْتَبَهْتُ وَأَعْضَائِي تَرْعُدُ، فَنَادَيْتُ وَالِدَتِي رَابِعَةَ (١) بِنْتَ الشَّيْخِ أَبِي حَكِيْمٍ الخَبْرِيِّ، وَحَكَيْتُ لَهَا مَا رَأَيْتُ، فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ، هَذَا مَنَامُ وَحْيٍ، فَاعْتَمِدْ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ بَكَّرْتُ إِلَى الصَّلَاةِ خَلْفَ
(١) رَابِعَةُ بِنْتُ أَبِي حَكِيْمٍ امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ، سَيَأْتِي ذِكْرُهَا في تَرْجَمَةِ ابْنِهَا الحَافِظُ مُحَمَّد بنِ نَاصِرٍ المَذْكُوْرُ هُنَا (ت: ٥٥٠ هـ)، وأُخْتُهَا فَاطِمَةُ لَهَا ذِكْرٌ وَأَخْبَارٌ وَرِوَايَةٌ. وَالخَبْرِيُّ نِسْبَةٌ إِلَى (خَبْرَةً). مُعْجَمُ البُلْدَانِ (٣/ ٣٩٤)، وَفِي الأَنْسَابِ (٥/ ٣٩): بِفَتْحِ الخَاءِ المُعْجَمَةِ، وَسُكُوْنِ البَاءِ المُنْقُوْطَةِ بِنُقْطَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِي آخِرِهَا الرَّاءُ المُهْمَلَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute