للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كَثِيْرَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، مُسَارِعًا إِلَى قَضَاءِ حَوَائِجِ المُسْلِمِيْنَ، مُكَرَّمًا عِنْدَ النَّاسِ أَجْمَعِيْنَ، وَكَانَ يَذْهَبُ بِنَفْسِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى دِجْلَةَ، فَيَأْخُذَ فِي كُوْزٍ لَهُ مَاءً يُفْطِرُ عَلَيْهِ. وَكَانَ يَمْشِي بِنَفْسِهِ فِي حَوَائِجِهِ وَلَا يَسْتَعِيْنُ بِأَحَدٍ، وَكَانَ إِذَا حَجَّ يَزُوْرُ القُبُوْرَ بِـ "مَكَّةَ" وَيَجِيْئُ إِلَى قَبْرِ الفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، وَيَخُطُّ بِعَصَاهُ، وَيَقُوْلُ: يَا رَبِّ هَهُنَا، يَا رَبِّ هَهُنَا، فَاتَّفَقَ أَنَّهُ خَرَجَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَخَمْسِمَائَةَ إِلَى الحَجِّ - وَكَانَ قَدْ وَقَعَ مِنَ الجَمَلِ فِي الطَّرِيْقِ دَفْعَتَيْنِ - فَشَهِدَ "عَرَفَةَ" مُحْرِمًا وَبِهِ بَقِيَّةٌ مِنْ أَلَمِ الوُقُوعِ، وَتُوُفِّيَ عَشِيَّةَ ذلِكَ اليَوْمِ، يَوْمِ الأَرْبِعَاءِ، يَوْمِ "عَرَفَةَ" فِي أَرْضِ "عَرَفَاتٍ" فَحُمِلَ إِلَى "مَكَّةَ" فَطِيْفَ بِهِ البَيْتَ، وَدُفِنَ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى جَنْبِ قَبْرِ الفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.

وَذَكَرَهُ فِي "التَّارِيْخِ" أَيْضًا (١)، فَذَكَرَهُ نَحْوًا مِنْ ذلِكَ، وَقَالَ: كَانَ يَتَنَزَّهُ عَنْ عَمَلِ النُّقُوْشِ وَالصُّوَرِ، وَكَانَ لَهُ عَقَارٌ قَدْ وَرِثَهُ عَنْ أَبِيْهِ، فَكَانَ يَبِيْعُ مِنْهُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَيَتقَوَّتُ بِهِ. وَذَكَر أَبُو الحُسَيْنِ أَنَّ سَبَبَ تَرْكِهِ لِصِنَاعَتِهِ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ الصُّنَّاعِ إِلَى بَعْضِ دُوْرِ السَّلَاطِيْنِ مُكْرَهًا، وَكَانَ فِيْهَا صُوَرٌ مِنَ الإِسْفِيْدَاجِ (٢) مُجَسَّمَةٌ، فَلَمَّا خَلَا كَسَرَهَا كُلَّهَا، فَاسْتَعْظَمُوا ذلِكَ، فَقَالَ: هَذَا مُنْكَرٌ، وَاللهُ أَمَرَ بِكَسْرِهِ، فَانْتَهَى أَمْرُهُ إِلَى السُّلْطَانِ، وَقِيْلَ لَهُ: هَذَا


(١) في (أ) و (ب): "وذكره أيضًا في التاريخ".
(٢) الإِسْفِيْدَاجُ: - بِالكَسْرِ - رَمَادُ الرَّصَاصِ وَالآنُكَ وَالآنُكِيِّ إِذَا شُدِّدَ عَلَيه الحَرِيْقُ صَارَ إِسْرِنْجًا مُلَطِّفًا جَلَّاءً، مُعَرَّبٌ. كَذَا قَالَ المُحِبِيُّ في قَصْدِ السَّبِيْلِ (١/ ١٨٤)، وَلَهُ ذِكْرٌ في معَاجمِ اللُّغَةِ (سفندج).