للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لَكُمْ جَحَدْتُمْ الإِلَهَ، حَيْثُ فَقَدْتُمُوهُ حِسًّا، مَعَ مَا صَدَرَ عَنْهُ مِنْ إِنْشَاءِ الرِّيَاحِ وَالنُّجُوْمِ، وَإِدَارَةِ الأَفْلَاكِ، وَإِنْبَاتِ الزَّرْعِ، وَتَقْلِيْبِ الأَزْمِنَةِ؟ وَكَمَا أَنَّ لِهَذَا الجَسَدِ عَقْلًا وَرُوْحًا بِهِمَا (١) قَوَامُهُ وَلَا يُدْرِكُهُمَا الحِسُّ، لكِنْ شَهِدَتْ بِهِمَا أَدِلَّةُ العَقْلِ مِنْ حَيْثُ الآثَارِ، كَذلِكَ اللهُ سُبْحَانَهُ - وَلهُ المَثَلُ الأَعْلَى - ثَبَتَ بِالعَقْلِ، لِمُشَاهَدَةِ الإِحْسَاسِ مِنْ آثَارِ صَنَائِعِهِ، وإِتْقَانِ أَفْعَالِهِ.

وَأَرْسَلَ هَذَا الفَصْلَ إِلَى السُّلْطَانِ مَعَ بعْضِ خَوَاصِّهِ، قَالَ: فَحَكَى لِي أَنَّهُ أَعَادَهُ عَلَيْهِ فَاسْتَحْسَنَهُ، وَهَشَّ إِلَيْهِ، وَلَعَنَ أُوْلَئِكَ، وَكَشَفَ إِلَيْهِ مَا يَقُوْلُونَ لَهُ.

وَكَتَبَ ابنُ عَقِيْلٍ أَيْضًا مَرَّةً إِلَى أَبِي شُجَاعٍ (٢)، وَزِيْرِ الخَلِيْفَةِ المُقْتَدِي (٣)


(١) في (أ)، (د)، (هـ): "هما".
(٢) مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الرَّوْذَرَاوِرِيُّ (ت: ٤٨٨ هـ) الوَزِيْرُ بنُ الوَزِيْرِ يُلَقَّبُ: ظَهِيْرَ الدِّيْن، وَلِيَ الوِزَارَة لِلمُقْتَدِي سنة (٤٧٦ هـ)، وَعَزَلَ نَفْسَهُ سَنَةَ (٤٨٤ هـ)، وَحَجَّ سَنَةَ (٤٨٧ هـ) فَجَاوَرَ بالمَدِيْنَةِ إلى أَنْ تُوُفِّيَ فِيْهَا، ودُفِنَ بِـ "البَقِيعْ"، وَكَانَت سِيْرَتُهُ حَسَنَةً، وَافِرَ العَقْلِ، عَالِمًا، فَاضِلًا، لَه مَعْرِفَةٌ بالأَدَبِ وَالشِّعْرِ وَالأَخْبَارِ. وَهُوَ مُؤلِّفُ "ذَيْلِ تَجَارُبِ الأُمَمِ" لِمِسْكَوَيْهِ المَطْبُوْعُ، وَنِسْبَتُهُ إِلَى "رَوْذَرَاوَرَ" مِنْ نَوَاحِي "هَمَذَانَ". أَخْبَارُهُ في: خَرِيْدَةِ القَصْرِ "قِسْمِ شُعَرَاءِ العِرَاقِ" (١/ ٧٧)، وَالمُنْتَظَمِ (٩/ ٩٠)، وَالتَّدْوِيْنِ في أَخْبَارِ قَزْوِيْنَ (٣/ ١٨٠)، وَتَارِيْخِ آلِ سَلْجُوْقَ (٧٧)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (١٩/ ٢٧)، وَطَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ لِلسُّبْكِيِّ (٣/ ٥٧). وذَكَرَ ابنُ الجَوْزِيِّ في "المُنْتَظَمِ" في تَرْجَمَةِ المَذْكُوْرِ نَصِيْحَةَ ابنِ عَقِيْلٍ لَهُ، ثُمَّ قَالَ: "قَالَ ابنُ عَقِيْلٍ: كَانَ الوَزِيْرُ أَبُو شُجَاعٍ كَثيْرَ البِرِّ للخَلْقِ، كَثيْرَ التَّلَطُّفِ بِهِم. . ." وَأَوْرَدَ كَلَامًا حَسَنًا تَجِده هُنَاك.
(٣) اسمُهُ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنُ الإِمَامِ القَائِمِ بِأَمْرِ اللهِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو القَاسِمِ، بُويعَ بالخِلَافَةِ =