للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سَبْعُ سِنِيْنَ، وَمَا مِنْ عِلْمٍ فِي عَالَمِ اللهِ إِلَّا وَقَدْ نَظَرْتُ فِيهِ، وَحَصَّلْتُ مِنْهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ، وَتَفَرَّدَ فِي الدُّنْيَا بِعُلُوِّ الإِسْنَادِ، وَرَحَلَ إِلِيْهِ المُحَدِّثُوْنَ مِنَ البِلَادِ.

قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: كَانَ حَسَنَ الصُّوْرَةِ، حِلْوَ المَنْطِقِ، مَلِيْحَ المُعَاشَرَةِ، كَانَ يُصَلِّي فِي جَامِعَ المَنْصُوْرِ، فَيَجِيْءُ فِي بَعْضِ الأَيَّامِ، فَيَقِفُ وَرَاءَ مَجْلِسِي وَأَنَا عَلَى مِنْبَرِ الوَعْظِ فَيُسَلِّمُ عَلَيَّ. وَأَمْلَى الحَدِيثَ فِي جَامِعِ القَصْرِ بِاسْتِمْلَاءِ شَيْخِنَا ابنِ نَاصِرٍ، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ الكَثِيْرَ، وَكَانَ ثِقَةً فَهْمًا، ثَبْتًا، حُجَّةً (١)، مُتْقِنًا فِي عُلُوْمٍ كَثِيْرَةٍ، مِنْفَرِدًا فِي عَلْمِ الفَرَائِضِ، وَكَانَ يَقُوْلُ: مَا أَعْلَمُ أَنِّي ضَيَّعْتُ مِنْ عُمْرِي شَيْئًا فِي لَهْوٍ أَوْ لَعِبٍ، وَمَا مِنْ عِلْمٍ إِلَّا وَقَدْ حَصَّلْتُ بَعْضَهُ أَوْ كُلَّهُ، وَكَانَ قَدْ سَافَرَ فَوَقَعَ فِي أَيْدِيْ الرُّوْمَ، فَبَقِيَ فِي أَسْرِهِمْ سَنَةً وَنِصْفًا، وَقَيَّدُوْهُ، وَجَعَلُوا الغِلَّ فِي عُنُقِهِ، وَأَرَادُوا مِنْهُ أَنْ يَنْطِقَ بِكَلِمَةِ الكُفْرِ فَلَمْ يَفْعَلْ، وَتَعَلَّمَ مِنْهُمْ الخَطَّ الرُّوْمِيَّ، قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: يَجِبُ عَلَى المُعَلِّمِ أَنْ لَا يُعَسِّفَ (٢) وَعَلَى المُتَعَلِّمِ أَنْ لَا يَأْنَفَ، وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَنْ خَدَمَ المَحَابِرَ خَدَمَتْهُ المَنَابِرَ، قَالَ: وَأَنْشَدَنِي: (٣)

لِيْ مُدَّةٌ لَا بُدَّ أَبْلُغُهَا … فَإِذَا انْقَضَتْ وَتَصَرَّمَتْ مُتُّ

لَوْ عَانَدَتْنِيْ الأَسْدُ ضَارِيَةً … مَا ضَرَّنِي مَا لَمْ يَجِي الوَقْتُ

قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ مُنَجِّمِيْنَ حَضَرَا حِيْنَ وُلِدَ، فَأَجْمَعَا أَنَّ عُمْرَهُ اثْنَتَانِ


(١) في (ط) الفقي: "جه" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
(٢) في (ط) بِطَبْعَتَيْهِ: "يُعَنَّفُ".
(٣) المُنْتَظِم (١٠/ ٩٤)، وَالمَنْهَج الأَحْمَد (٣/ ١٢٢).