وَأَصْحَابَهُ وَأَشْعَلُوا المَشَاعِلَ وَالشَّمْعَ، وَشَرَعُوا فِي تَأْسِيْسِ حَائِطِ القِبْلَةِ، وَنَصَبُوا المِحْرَابَ لَيْلًا، وَقَالَ: اغْدُوا عَلَى عَمَلِكُمْ، فَغَدَوا، وَقَالَ أُوْلَئِكَ لَهَا: قَدْ خَالَفَ أَمْرَكَ، فَنَزَلَ إِلَيْهِ عَشَرَةٌ مِنَ القَلْعَةِ، وَقَالُوا لَهُ: أَمَا قَدْ نَهَتْكَ خَاتُونُ عَنْ بِنَاءِ هَذَا المَكَانِ؟ فَقَالَ: أَنَا قَدْ بَنَيْتُ بَيْتًا مِنْ بُيُوْتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَنَصَبْتُ مِحْرَابًا لِلْمُسْلِمِيْنَ، فَإِنْ كَانَتْ هِيَ تَهْدِمُهُ تَبْعَثُ تَهْدِمُهُ، وَصَاحَ عَلَى الصُّنَّاعِ: اعْمَلُوا، فَبَلَغَهَا مَا قَالَ، فَقَالَتْ: صَدَقَ، أَنَا مَالِيْ وَلِلْفُقَهَاءِ. ذَكَرَ ذلِكَ النَّاصِحُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ جَدِّهِ شَرَفِ الإِسْلَامِ. قَالَ: سَمِعْتُ وَالِدِي يَقُوْلَ: جَاءَ رَجُلٌ مِن أَصْحَابِ أَبِي شَرَفِ الإِسْلَامِ إِليْهِ، فَقَالَ: رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي مَنَامِي أَبِي، فَقَالَ لِيْ: هَذَا الَّذِي يَقُوْلُهُ لَكُمْ الشَّيْخُ مَا هُوَ صَحِيْحٌ، مَا رَأَيْنَا لَا جَنَّةً وَلَا نَارًا، وَلَا قِيَامَةً وَلَا حِسَابًا، وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ: مَا ذَاكَ وَالِدُكَ، فَقَالَ: يَا سَيِّدِي، وَالِدِي، أَنَا أَعْرِفُهُ، فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ: ذَاكَ الشَّيْطَانُ، السَّاعَةَ يَعُوْدُ وَيَقُوْلُ لَكَ مِثْلَ مَا قَالَ: فَقُلْ أَنْتَ لَهُ: بِاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَنْتَ وَالِدِي؟ فَيُوَلِّي عَنْكَ وَيَضْرِطُ لَكَ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ أَصْبَحَ وَجَاءَ إِلَى الشَّيْخِ، فَقَالَ لَهُ: ضَرَطَ لَكَ؟ قَالَ: إِيْ وَاللهِ يَا سَيِّدِيْ.
تُوُفِّيَ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي لَيْلَةِ الأَحَدِ سَابِعَ عَشَرَ صَفَرٍ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ عِنْدَ وَالِدِهِ، بِمَقَابِرِ الشُّهَدَاءِ مِنْ "مَقَابِرِ البَابِ الصَّغِيْرِ".
وَذَكَرَهُ أَبُو المَعَالِي بنُ القَلَانِسِيِّ فِي "تَارِيْخِهِ" فَقَالَ: كَانَ عَلَى الطَّرِيْقَةِ المَرْضِيَّةِ، وَالخِلَالِ الرَّضِيَّةِ، وَوُفُوْرِ العِلْمِ، وَحُسنِ الوَعْظِ، وَقُوَّةِ الدِّيْنِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute