للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابنِ البَطَرِ، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ الطُّيُوْرِيِّ، وَجَعْفَرٍ السَّرَّاجِ، وَأَبي طَاهِرِ بنِ سِوَارٍ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ بَعْدِهِمْ، وَقَرَأَ الأَدَبَ عَلَى أَبِي زَكَرِيَّا التِّبْرِيْزِيِّ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَبَرَعَ فِي عِلْمِ اللُّغَةِ وَالعَرَبِيَّةِ، وَدَرَّسَ العَرَبِيَّةَ فِي المَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ (١) بَعْدَ شَيْخِهِ أَبِي زَكَرِيَّا مُدَّةً، ثُمَّ قَرَّبَهُ المُقْتَفِي لِأَمْرِ اللهِ (٢) فَاخْتُصَّ بِإِمَامَتِهِ فِي الصَّلَوَاتِ. وَكَانَ المُقْتَفِي يَقْرَأُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الكُتُبِ، وَانْتَفَعَ بِذلِكَ، وَبَانَ أَثَرُهُ فِي تَوْقِيْعَاتِهِ. وَكَانَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ المُحَامِيْنَ عَنْهَا، ذَكَرَ ذلِكَ ابنُ شَافِعٍ. وَقَالَ ابنُ السَّمْعَانِيِّ فِي حَقِّهِ: إِمَامٌ فِي اللُّغَةِ وَالأَدَبِ، وَهُوَ مِنْ مَفَاخِرِ "بَغْدَادَ" وَهُوَ مُتَدَيِّنٌ، ثِقَةٌ، وَرِعٌ، غَزِيرُ الفَضْلِ، كَامِلُ العَقْلِ، مَلِيْحُ الخَطِّ، كَثِيْرُ الضَّبْطِ، صَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَانْتَشَرَتْ عَنْهُ، وَشَاعَ ذِكْرُهُ، ونَقَلَ بِخَطِّهِ الكَثِيْرَ. وَقَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: انْتَهَى إِلَيْهِ عِلْمُ اللُّغَةِ، وَكَانَ غَزِيْرَ العَقْلِ، مُتَوَاضِعًا فِي مَلْبَسِهِ وَرِئَاسَتِهِ، طَوِيْلَ الصَّمْتِ، لَا يَقُوْلُ الشَّيءَ إِلَّا بَعْدَ التَّحْقِيْقِ وَالفِكْرِ الطَّوِيْلِ، وَكَثِيرًا مَا كَانَ يَقُوْلُ: لَا أَدْرِي، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ. سَمِعْتُ مِنْهُ كَثِيرًا مِنَ الحَدِيْثِ، وَغَرِيْبِ الحَدِيْثِ، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ كِتَابَهُ "المُعَرَّبَ" وَغَيْرِهِ مِنْ تَصَانِيْفِهِ وَقِطْعَةً مِن اللُّغَةِ.

وَقَالَ ابنُ خَلِّكَانَ فِي "تَارِيْخِهِ" صَنَّفَ التَّصَانِيْفَ المُفِيْدَةَ وَانْتَشَرَتْ


(١) لَا أَدْرِي كَيْفَ تَمَّ لَهُ ذلِكَ، وَهَذِهِ المَدْرَسَةُ مَوْقُوْفَةٌ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ، وَفِي تَرْجَمَةِ أَبِي البَقَاءِ العُكْبَرِيِّ أَنَّ الشَّافِعِيَّةِ قَالُوا لَهُ: تَحَوَّلْ إِلَى مَذْهَبِنَا ونُعْطِيْكَ تَدْرِيْسَ النَّحْوِ فِي "النِّظَاميَّة" فَامْتَنَعَ …
(٢) بعده في (ط) بِطَبْعَتَيْهِ: "تَعَالَى" زيادة من "هـ" فقط.