للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حِيْنَ يَرْوِي عَنِ ابْنِ الخَشَّابِ. وَكَانَ ثِقَةً فِي الحَدِيْثِ وَالنَّقْلِ، صَدُوْقًا، حُجَّةً، نَبِيْلًا.

وَذَكَرَ ابنُ الجَوْزِيِّ: أَنَّهُ كَانَ يُذْكَرُ عَنْهُ نَوْعُ تَفْرِيْطٍ فِي الدِّينِ، وَأَنَّهُ كَانَ قَلِيْلَ الفِقْهِ، بِحَيْثُ إِنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَفْعِ اليَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ مَا هُوَ؟ فَقَالَ: هُوَ رُكْنٌ، فَضُحِكَ مِنْهُ (١)، وَكَانَ - سَامَحَهُ الله - قَلِيْلَ المُبَالَاةِ بِحِفْظِ نَامُوْسِ (٢) العِلْم وَالمَشْيَخَةِ بِحَيْثُ إِنَّهُ كَانَ يَلْعَبُ بِالشَّطْرنْجِ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ مَعَ العَوَامِّ، وَيُمَازِحُ السُّفَهَاءِ، وَيَقِفُ فِي الشَّوَارِعِ عَلى حِلَقِ المُشَعْبِذِيْنَ وَأَصْحَابِ اللَّهْوِ، وَاللَّعَّابِيْنِ بِالقُرُوْدِ وَالدِّبَابِ مِنْ غَيْرِ مُبَالَاةٍ. وَإِذَا عُوْتِبَ عَلَى ذلِكَ يَقُوْلُ: إِنَّهُ يَنْدُرُ مِنْهُمْ نَوَادِرَ لَا يَكُوْنُ أَحْسَنَ وَلَا أَلْطَفَ مِنْهَا، وَمَعَ ذلِكَ فَكَانَ لَا يَخْلُو كُمُّهُ مِنْ كُتُبِ العِلْمِ. وَكَانَ رُؤَسَاءُ زَمَانِهِ وَوُزَرَاءُ وَقْتِهِ يَوَدُّوْنَ مُجَالَسَتَهُ، وَيَتَمَنَّوْنَ مُحَاضَرَتَهُ فَلَا يَفْعَلُ. قَالَ مَسْعُوْدُ بنُ البَادِرِ: كُنْتُ يَوْمًا بَيْنَ يَدَي المُسْتَضِيءِ (٣)، فَقَالَ لِي: كُلُّ مَنْ نَعْرِفُهُ قَدْ ذَكَّرَنَا بِنَفْسِهِ، وَوَصَلَ إِلَيْهِ بِرُّنَا، إِلَّا ابنَ الخَشَّابِ، فَأَخْبِرْهُ، فَاعْتَذَرْتُ عَنْهُ بِعُذْرِ اقْتَضَاهُ الحَالُ، ثُمَّ خَرَجْتُ فَعَرَّفْتُ ابنَ الخَشَّابِ ذلِكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ هَذَيْنِ البَيْتَيْنِ:

وَرَدَ الوَرَى سِلْسَالَ جُوْدِكَ فَارْتَوَوا … فَوَقَفْتُ دُوْنَ الوِرْدِ وِقْفَةَ حَائِمِ


(١) كلَامٌ لَا يُعْقَلُ وَلَا يُقْبَلُ؟!
(٢) في (ط): "قاموس".
(٣) أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ يُوْسُفَ، بُوْيِعَ بِالخِلَافَةِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيْهِ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وخَمْسِمَائَةَ، وأَمُّهُ أَرْمِيِنِيَّة. وَفِي زَمَنِهِ عَادَت الخُطْبَةُ لِبَني العَبَّاسِ فِي "مِصْرَ"، تُوفِّيَ سَنَة (٥٧٥ هـ). أَخْبَارُهُ فِي: الفَخْرِيِّ (٣١٩)، وَمَآثرِ الإِنَافَةِ (٢/ ٥٠)، وَتَارِيْخِ الخُلَفَاءِ (٤٧٦)، وَأَلَّفَ ابنُ الجَوْزِيِّ "المِصْبَاحُ المُضِيْءُ فِي خِلَافَةِ المُسْتَضِيْءُ" مَطْبُوعٌ.