للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ظَاهِرٌ. قَالَ: وَابْتَدَأَ بِهِ المَرَضُ بَعْدَ نِصْفِ شَعْبَانَ، وَكَانَ مَرَضَهُ الإسْهَالُ، وَذلِكَ مِنْ تَمَامِ السَّعَادَةِ؛ لأنَّ مَرَضَ البَطْنِ شَهَادَةٌ، وَلَمَّا ازْدَادَ مَرَضُهُ أَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى عِيَادَتِهِ مِنَ الأَكَابِرِ وَالعُلَمَاءِ، وَالتَّلَامِذَةِ وَالأَصْحَابِ. فَحَدَّثَنِي صَاحِبُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيٍّ الفَقِيْهُ (١)، وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى تَمْرِيْضَهُ، قَالَ لِي الشَّيْخُ يَوْمَ الخَمِيْسِ ثَانِي رَمَضَانَ: أَيْ فَخْرُ، آخِرُ تَعَبِكَ مَعِي يَوْمَ الأَحَدِ؟ قَالَ: وَهكَذَا كَانَ، فَإِنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ السَّبْتِ رَابِعَ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَدَفَنَّاهُ يَوْمَ الأَحَدِ، يَعْنِي خَامِسَ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. قَالَ: وَنُوْدِيَ فِي النَّاسِ بِمَوْتِهِ، فَانْثَالَ مِنَ الخَلَائِقِ وَالأُمَمِ عَدَدٌ يَفُوْتُ الإِحْصَاءَ، فَازْدَحَمَ النَّاسُ، وَخِيْفَ مِنَ الفِتَنِ، فَنَفَذَ الوُلَاةُ الأَجْنَادَ وَالأَتْرَاكَ بِالسِّلَاحِ، وَفُتِحَ لَهُ جَامِعُ القَصْرِ، وَازْدَحَمَ النَّاسُ ازْدِحَامًا هَائِلًا، وَحَمَلَهُ أَصْحَابُهُ وَغِلْمَانُهُ (٢). وَحَكَى لِي بَعْضُهُمْ أَنَّهُمْ فِي حَالِ حَمْلِ سَرِيْرِهِ لَمْ يَبْقَ فِي رِجْلِ أَحَدٍ مِنهُمْ مَدَاسٌ إِلَّا وَشَذَّ؛ لِفُرْطِ الزِّحَامِ، فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ دَفْنِهِ أُعِيْدَتْ إِلَيْهِمْ لَمْ يَفْقِدُوا مِنْهَا شَيْئًا، وَقُدِّمَ الشَّيْخُ الصَّالِحُ سَعْدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ مَرْزُوقٍ المِصْرِيُّ (٣) إِمَامًا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، بَعْدَمَا اجْتَهَدَ المَمَالِيْكُ وَالأَتْرَاكُ وَالأَجْنَادُ فِي إِيْصَالِهِ إِلَى عِنْدَ (٤) نَعْشِهِ، وَكَانَ النَّاسُ قَدِ ازْدَحَمُوا عَلَى الشَّيْخِ سَعْدٍ


(١) هُو المَعْرُوفُ بـ "غُلَامِ ابنِ المَنِّي" السَّابِقِ الذِّكْرِ.
(٢) هم طَلَبَتُهُ المُلَازِمِيْنَ لَهُ.
(٣) تُوُفِّيَ سَنَةَ (٥٩٢ هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(٤) مضرُوبٌ عليها بِالقَلم في (أ).