للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جَامِعِ "دِمَشْقَ" فَمَشَى بِهِ خُطُوَاتٍ ثُمَّ رَدَّهُ إِلَى مَكَانِهِ، وَلَهُ أَخْبَارٌ فِي هَذَا البَابِ غَرِيْبَةٌ، وَبَنَى مَدْرَسَةً بِـ "مِصْرَ"، وَمَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا، وَتُوُفِّيَ بِـ "مِصْرَ".

وَمِمَّا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ فَتَاوَى نَجْمِ الدِّيْنِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بْنِ الحَنْبَلِيِّ: أَنَّ مَنْ أَرادَ أَنْ يَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ، فَقَالَ لاِمْرَأَتِهِ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ ثَلَاثَ بَتَاتٍ، وَأَرَادَ أَنْ يَقُوْلَ: إِنْ لَمْ أَتَحَوَّلْ مِنَ الدَّارِ، ثُمَّ تَفَكَّرَ فِي ضَرَرِ التَّحْوِيْلِ، فَسَكَتَ عَلَى قَولِهِ: بَتَاتٌ، إِعْرَاضًا عَنِ اليَمِيْنِ بِالكُلِيَّةِ، لَا إِرَادَةً لِوُقُوْعِ الطَّلَاقِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَقْصِدْ بِذلِكَ الإِيْقَاعُ، بَلْ قَصَدَ التَّعْلِيْقَ، ثُمَّ سَكَتَ عَقِيبَ ذِكْرِ الطَّلَاقِ، لَا قَاصِدًا لَهُ، بَلْ أَرَادَ إِبْطَالَ اليَمِيْنِ، فَإِنَّهُ يَدِيْنُ فِي ذلِكَ فِيْمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِي البَاطِنِ، وَبِمِثْلِ هَذَا صَرَّحَ صَاحِبُ "المُحَرَّرِ" فِيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا، وَلَا أَعْلَمُ فِي ذلِكَ نَصًّا لأَحَمَدَ، وَلَا لأَحَدٍ مِنْ مُتَقَدِّمِي أَصْحَابِنَا. وَقِيَاسُ نُصُوْصِ أَحْمَدَ وَأُصُوْلِهِ أَنَّهُ لَا يَدِيْنُ فِي ذلِكَ، بِحَيْثُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ وُقُوْعُ الطَّلَاقِ بِهِ، ولَوْ وُجِدَ شَرْطُهُ الَّذِي أَرَادَ تَعْلِيْقُهُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ المَنْصُوْصَ عَنْ أَحْمَدَ فِي مَواضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الحَلِفَ بِالطَلَاقِ لَيْسَ بِيَمِيْنٍ، وَلَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَ سَائِرِ الأَيْمَانِ، وَإِنَّمَا هُوَ طَلَاقٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ، وَلَوْ قَصَدَ بِتَعْلِيْقِهِ الحَضَّ وَالمَنْعَ، وَحِيْنَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ حُكْمُ هَذَا حُكْمَ مَنْ طَلَّقَ، وَقَالَ: نَوَيْتُ تَعْلِيْقَ الطَّلَاقِ بِشَرْطٍ. وَالمَذْهَبُ فِي ذلِكَ عِنْدَ القَاضِيْ وَمَنْ اتَّبَعَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا: أَنَّهُ يَدِيْنُ فِي ذلِكَ، وَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ فِي البَاطِنِ


= (١١/ ٣٤١)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (٥/ ٣٨١).