للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها على أحد حتى يكون هو الذي يُغَيّرُ ما بنفسه، فيغير طاعة الله بمعصيته، وشكره بكفره، وأسباب رضاه بأسباب سخطه، فإذا غيَّر غُيّر عليه جزاءً وفاقًا، وما ربُّك بظلام للعبيد.

فإن غيَّر المعصية بالطاعة غيَّر الله عليه العقوبة بالعافية، والذلّ بالعزّ، قال الله تعالى: {إِنَّ الله لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ الله بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مّن دُونِهِ مِن وَالٍ} (١).

ولقد أحسن القائل:

إذا كنت في نعمة فارعها ... فإن المعاصي تزيل النعم

وحطها بطاعة رب العباد ... فربُّ العباد سريع النقم (٢)

رابعًا: أنواع الاستسقاء: الاستسقاء أنواع على النحو الآتي:

النوع الأول: الاستسقاء بصلاة جماعة أو فرادى (٣) على ما يأتي تفصيله، وهو أكملها، وصلاته - صلى الله عليه وسلم - مستفيضة في الصحاح وغيرها، واتفق فقهاء الأمصار على هذا النوع (٤).

النوع الثاني: استسقاء الإمام يوم الجمعة في خطبتها، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، واستفاض عنه من غير وجه، وهذا النوع مستحب اتفاقًا، واستمر عمل المسلمين عليه (٥)؛ لحديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: أصابت الناس سنة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب في يوم جمعة فقام أعرابي فقال: يا رسول الله، هلك المال، وجاع العيال فادع الله لنا، فرفع


(١) سورة الرعد، الآية: ١١.
(٢) الجواب الكافي، لابن القيم، ص١٤٢.
(٣) قال الإمام ابن الملقن في الإعلام بفوائد عمدة الأحكام، ٤/ ٣١٧: ((واعلم أن الاستسقاء أنواع: الأول: الدعاء بلا صلاة ولا خلف صلاة، وأوسطها الدعاء خلف الصلوات وفي خطبة الجمعة، والاستسقاء بركعتين وخطبتين، والثاني أفضل من الأول، والثالث أكمل الكل وخالف فيه أبو حنيفة ... )).
(٤) الإحكام شرح أصول الأحكام، لابن قاسم، ١/ ٥٠٤، والاستسقاء: سننه وآدابه، للشيخ عبد الوهاب بن عبد العزيز الزيد، ص٣١.
(٥) الإحكام شرح أصول الأحكام، لابن قاسم، ١/ ٥٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>