للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاة العصر فكأنما وُتِرَ أهلُهُ وماله)) (١).

ذكر الإمام القرطبي - رحمه الله-:أن قوله: ((وُتِرَ أهلُه ومالُه)) روي بالرفع على أن المعنى: نُزع وأُخذ، وروي بالنصب ((أهلَه ومالَه)) على أن المعنى: سُلب، وقيل في تفسير الحديث: هذا يحصل لمن لم يصلّها في الوقت المختار، وقيل: هو أن يؤخرها إلى أن تصفرَّ الشمس. وقيل: خُصَّت العصر بالذكر؛ لكونها مشهودة للملائكة، وعلى هذا يشاركها في ذلك الصبح. وقيل: خصت صلاة العصر بالذكر؛ لأنها صلاة تأتي في انشغال الناس، وعلى هذا فالصبح أولى بذلك؛ لأنها تأتي وقت النوم. أما قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله)) فليس ذلك خاصاً بالعصر، بل ذلك حكم غيرها من الصلوات كذلك (٢).

٩ - يعجب الله تعالى من الصلاة في الجماعة؛ لمحبته لها سبحانه، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن الله ليعجب من الصلاة في الجميع)) (٣). وهذا العجب يليق بالله تعالى، ولا يشبه فيه أحداً من خلقه؛ لأن عجبه سبحانه ليس كعجب خلقه، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (٤).

١٠ - منتظر الصلاة مع الجماعة في صلاة، قبل الصلاة وبعدها مادام في مصلاه؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يزال العبد

في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة، وتقول الملائكة: اللهم اغفر


(١) متفق عليه: البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب إثم من فاتته العصر، برقم ٥٥٦، ومسلم، كتاب المساجد، باب فضل صلاتي الصبح والعصر، برقم ٥٣٥.
(٢) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، ٢/ ٢٥٢.
(٣) أحمد في المسند، ٢/ ٥٠، وقال الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب، ١/ ٣٣٧: ((رواه أحمد بإسناد حسن، وكذلك رواه الطبراني بإسناد حسن))،وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب،١/ ١٦٣، وانظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم١٦٥٢، وصحيح الجامع الصغير، برقم ١٨١٦.
(٤) سورة الشورى، الآية:١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>