للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجهته التي صلى إليها هي القبلة، وهكذا قضاء الحاجة، يشرّق أو يغرّب أو يشمّل أو يجنّب على حسب جهته التي تخالف القبلة)) (١). قال - عليه الصلاة والسلام - في ذلك: ((إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولكن شرّقوا أو غرّبوا)) (٢).

ويسقط استقبال القبلة في الأحوال الآتية:

الحالة الأولى: إذا اجتهد في استقبال القبلة طاقته ثم صلى فأخطأ؛ لقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ} (٣)؛ ولقوله تعالى: {لاَ يُكَلّفُ الله نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} (٤)؛ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما في صلاة أهل قباء إلى الشام، فأُخْبروا أن الله قد أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - باستقبال المسجد الحرام، فاستقبلوا الكعبة وهم في صلاتهم)) (٥). والشاهد في الحديث أنهم بنوا على ما صلوا، ولم يقطعوا الصلاة، بل استداروا إلى الكعبة. وقد رُوِيَ عن عامر بن ربيعة - رضي الله عنه - أنه قال: ((كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة مظلمة فأشكلت علينا القبلة، فصلينا، فلما طلعت الشمس إذا نحن صلينا لغير القبلة، فنزلت: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ الله})) (٦). وسمعت الإمام عبد العزيز ابن باز - رحمه الله - يقول عن هذا الحديث: ((ضعيف عند أهل العلم، ولكن معناه صحيح، ويعضده عموم الأدلة والأصول المتبعة في الشريعة: {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ}.

والواجب على المسافر إذا حضرت الصلاة أن يجتهد ويتحرّى القبلة ثم يصلي حسب اجتهاده فإن ظهر بعد ذلك أنه صلى إلى غير القبلة أجزأته صلاته؛ لأنه أدَّى


(١) سمعته من سماحته أثناء شرحه لحديث ٢٢٦ من بلوغ المرام.
(٢) متفق عليه من حديث أبي أيوب - رضي الله عنه -:البخاري، كتاب الصلاة، باب قبلة أهل المدينة وأهل الشام والمشرق، برقم ٣٩٤،ومسلم، كتاب الطهارة، باب الاستطابة، برقم٢٦٤.
(٣) سورة التغابن، الآية: ١٦.
(٤) سورة البقرة، الآية: ٢٨٦.
(٥) متفق عليه: البخاري برقم ٤٠٣، ومسلم، برقم ٥٢٦، وتقدم تخريجه بلفظه.
(٦) الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة البقرة، برقم ٢٩٥٧وضعفه، ولكن ذكر له العلامة الألباني طرقًا وشواهد عند الحاكم،١/ ٢٠٦،والبيهقي، ٢/ ١٠، وغيرهما، ثم حسنه في إرواء الغليل، ١/ ٢٢٣، والآية ١١٥ من سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>