رتّب من الرخص، حتى ولو فُرِض خلوُّه من المشاق؛ لأن الأحكام تعلَّق بعللها العامة، وإن تخلفت في بعض الصور والأفراد، فالحكم الفرد يُلحق بالأعم، ولا يفرد بالحكم، وهذا معنى قول الفقهاء رحمهم الله:((النادر لا حكم له))، يعني لا ينقض القاعدة ولا يخالف حكمه حكمها، فهذا أصل يجب اعتباره، فأعظم رخص السفر وأكثرها حاجة ما يأتي:
١ - القصر؛ ولذلك ليس للقصر من الأسباب غير السفر؛ ولهذا أضيف السفر إلى القصر لاختصاصه به، فتقصر الرباعية من أربع إلى ركعتين.
٢ - الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في وقت إحداهما، والجمع أوسع من القصر؛ ولهذا له أسباب أُخر غير السفر: كالمرض، والاستحاضة، والمطر، والوحل، والريح الشديدة الباردة، ونحوها من الحاجات، والقصر أفضل من الإتمام، بل يكره الإتمام لغير سبب، وأما الجمع في السفر فالأفضل تركه إلا عند الحاجة إليه، أو إدراك الجماعة، فإذا اقترن به مصلحة جاز.
٣ - الفطر في رمضان من رخص السفر.
٤ - الصلاة النافلة على الراحلة أو وسيلة النقل إلى جهة سيره.
٥ - وكذلك المتنفل الماشي.
٦ - المسح على الخفين، والعمامة، والخمار، ونحوها، ثلاثة أيام بلياليها؛ لحديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، قال:((جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويومًا وليلة للمقيم)) (١). وأما التيمم فليس سببه السفر، وإن كان الغالب أن الحاجة إليه في السفر أكثر منه في
(١) مسلم، كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين، برقم ٢٧٦.