للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصلّي بهم، فيتم ما بقي على الإمام؛ ولا ينتظرون؛ لأن الانتظار قد يكون فيه مشقة كبيرة في بعض الأحيان.

أما إذا تذكر وهو واقف قبل أن يكبّر فحينئذ إن أمرهم أن ينتظروه فلا بأس، وإن أمرهم أن يصلوا حتى لا يشق عليهم فعل، والناس يحتاجون مثل هذا: منهم من يكون محله قريباً يستطيع أن يرجع عليهم بسرعة، ومنهم من يكون محله بعيداً يشق عليهم الانتظار، فالإمام ينظر ما هو الأصلح، وفعله - صلى الله عليه وسلم - يدل على أن انتظارهم هو الأولى إذا كان قريباً ولا مشقة في ذلك؛ لأنه قال: ((مكانكم)) ولم يستخلف، فيدل على أن هذا هو الأفضل إذا تيسر ولم يكن فيه مشقة، أما إذا كان هناك مشقة فالأدلة الشرعية تدل على أنه يشرع الرفق بالجماعة، وعدم المشقة، والاستخلاف يكون أصلح في هذه الحالة وأرفق بالمأمومين، كما فعل عمر - رضي الله عنه -)) (١)، والله أعلم (٢).

١٠ - اقتداء الجالس القادر على القيام بالجالس المعذور؛ لحديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته وهو شَاكٍ فصلى جالساً وصلى وراءه قوم قياماً فأشار إليهم أن اجلسوا، فلما انصرف قال: ((إنما جُعل الإمامُ ليؤتمَّ به فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً)) (٣).

وعن أنس - رضي الله عنه - قال: سقط النبي - صلى الله عليه وسلم - عن فرس فجُحِشَ شقّه الأيمن فدخلنا عليه نعوده فحضرت الصلاة فصلى بنا قاعداً فصلينا وراءه قعوداً، فلما قضى الصلاة قال: ((إنما جُعل الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا كبر


(١) سمعته أثناء تقريره على المنتقى من أخبار المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، لأبي البركات ابن تيمية، الأحاديث رقم ١٤٥٢ - ١٤٥٥.
(٢) انظر: التمهيد لابن عبد البر،١/ ١٧٣ - ١٩٠،والمغني لابن قدامة،٢/ ٥٠٤ - ٥١٢، وحاشية ابن قاسم على الروض المربع، ٢/ ٥٧٦، والشرح الممتع لابن عثيمين، ٢/ ٣١٢ - ٣١٨، و٤/ ٣٣٧ - ٣٤٢، وفتاوى ابن باز، ١٢/ ١٣٢ - ١٤٢.
(٣) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب: إنما جعل الإمام ليؤتم به، برقم ٦٨٨، ومسلم، كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم ٤١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>