للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأمر بتحية المسجد يفيد بحقيقته وجوب فعل التحية، والنهي يفيد بحقيقته أيضاً تحريم تركها، واختلف أهل العلم في القول بالوجوب والسنية، والصواب أنها سنة مؤكدة وهو قول الجمهور، قال الإمام النووي - رحمه الله -: ((فيه استحباب تحية المسجد بركعتين وهي سنة بإجماع المسلمين، وفيه استحباب التحية في أي وقت دخل)) (١).

ثانياً: صلاة القدوم من السفر في المسجد، يُصلي المسلم عند القدوم من السفر ركعتين في المسجد قبل أن يذهب إلى بيته؛ لحديث جابر - رضي الله عنه - قال: اشترى مني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيراً، فلما قدم المدينة أمرني أن آتي المسجد فأصلي ركعتين (٢)، وعن كعب بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يقدم إلا نهاراً في الضحى، فإذا قدم بدأ بالمسجد فصلى ركعتين ثم جلس فيه))، قال الإمام النووي - رحمه الله تعالى -: ((في هذه الأحاديث استحباب ركعتين للقادم من سفره في المسجد أول قدومه، وهذه الصلاة مقصودة للقدوم من السفر؛ لا أنها تحية المسجد، والأحاديث المذكورة صريحة فيما ذكرته، وفيه استحباب القدوم أوائل النهار، وفيه أنه يستحب للرجل الكبير في المرتبة ومن يقصده الناس إذا قدم من سفر للسلام عليه أن يقعد أول قدومه قريباً من داره في موضع بارز سهل على زائريه، إما المسجد وإما غيره (٣).

ثالثاً: الصلاة عقب الوضوء: سنة مؤكدة في أي وقت من ليل أو نهار؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال عند صلاة الفجر: ((يا بلال


(١) شرح النووي على صحيح مسلم، ٥/ ٢٣٣، وانظر: نيل الأوطار للشوكاني، ٢/ ٢٦٠.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب الصلاة، باب الصلاة إذا قدم من السفر، برقم ٤٤٣، وكتاب العمرة، باب لا يطرق أهله إذا دخل المدينة، برقم ١٨٠١، ورقم ٢٠٩٧، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول قدومه، برقم ٧١ - (٧١٥).
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم، ٥/ ٢٣٦، وانظر: فتح الباري، ١/ ٥٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>