للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

((وقد أقام - صلى الله عليه وسلم - في مصالح الإسلام والمسلمين، وهذه الإقامة لم يكن مجمعاً عليها؛ لهذه الأغراض، فلما حصل المقصود ارتحل إلى المدينة، ومن المعلوم أن المهاجر لا يقيم في بلده أكثر من ثلاثة أيام، ولكنه أقام لهذه المصالح، فإذا أقام المسافر إقامة لم يُجمعها قصر)) (١). وسمعته يقول عن إقامة النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك عشرين يومًا يقصر الصلاة (٢): ((وإقامته - صلى الله عليه وسلم - عشرين يومًا في تبوك ينظر فيما يتعلق بحرب الروم، هل يتقدم أم يرجع، ثم أذن الله له أن يرجع، واحتج بهذه القصة وقصة الفتح على أنه لا بأس بالقصر مدة الإقامة العارضة، ولو طالت، حتى قال أهل العلم: لو مكث سنين مادام لم يجمع إقامة؛ فإنه في سفر، وله أحكام السفر، وهذا هو الصواب، أما إذا أجمع إقامة فاختلف العلماء في مقدارها هل تقدر بعشرين يومًا، أو بتسعة عشر يومًا، أو بثلاثة أيام، أو أربعة أيام على أقوال: وأحسن ما قيل في ذلك: أربعة أيام؛ لأنها إقامة النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، فإذا أجمع الإقامة أكثر من أربعة أيام أتمَّ، وإن كانت أربعة فأقلّ قصر؛ لأنها إقامة معزوم عليها، وعليه الشافعي، وأحمد، ومالك، وبقول الشافعي وأحمد ومالك، تنتظم الأدلة، ويكون ذلك صيانة من تلاعب الناس، وهذا هو الأحوط، كما قال الجمهور: أربعة أيام؛ لأن ما زاد عنها غير مجمع عليه، وما نقص من هذا مجمع عليه: أي داخل في المجمع عليه)) (٣). وبهذا يخرج المسلم من الخلاف ويترك ما يريبه إلى ما لا يريبه، والله - عز وجل - أعلم (٤).

تاسعًا: قصر الصلاة بمنى لأهل مكة وغيرهم من الحجاج؛

لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: ((صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى


(١) سمعته أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم ٤٥٩،وانظر: فتح الباري لابن حجر، ٢/ ٥٦٢.
(٢) أبو داود، كتاب الصلاة، باب إذا أقام بأرض العدو يقصر، برقم ١٢٣٥، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، ١/ ٣٣٦.
(٣) سمعته أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم ٤٦١.
(٤) انظر: مجموع فتاوى الإمام ابن باز، ١٢/ ٢٧٦، وفتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ٨/ ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>