للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيعمل بالأحاديث كلها، يكون الغسل من غسل الميت سنة وليس بواجب (١).

قال سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله: ((وقال: بعضهم إن الحكمة في ذلك - والله أعلم - جبر ما يحصل للغاسل من الضعف بسبب مشاهدة الميت، وذكر الموت، وما بعده، وهو معنى مناسب)) (٢)، والله أعلم (٣).

[الخامس عشر: تكفين الميت]

يراعى في تكفين الميت الأمور الآتية:

الأمر الأول: حكم تكفين الميت المسلم، فرض كفاية، إذا فعله من فيه كفاية سقط الحرج والإثم عن الباقين، وإن تركوه كلهم أثموا كلهم؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما في قصة الرجل الذي وقصته راحلته؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فيه: ((اغسلوه بماء وسدر، وكفّنوه في ثوبيه)) (٤)، وهذا أمر والأصل في الأمر الوجوب.

الأمر الثاني: معرفة الفضل والأجر العظيم لمن تولَّى تكفين الميت المسلم؛ لحديث أبي رافع، وفيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( ... ومن كفَّن ميتاً كساه الله من سندس وإستبرق الجنة ... )) (٥).

الأمر الثالث: الكفن أو ثمنه من مال الميت؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في المحرم: ((اغسلوه بماء وسدر، وكفّنوه في ثوبيه)) (٦)؛ولحديث خباب - رضي الله عنه - في قصة مصعب بن عمير - رضي الله عنه - وأنه كفن في نمرة له، وفي لفظ: بردة (٧).


(١) انظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام، ٤/ ٤٤٢.
(٢) تعليق ابن باز على فتح الباري، ٣/ ١٣٥.
(٣) وانظر: لزيادة الفائدة ما تقدم في الطهارة، الأغسال المستحبة.
(٤) متفق عليه: البخاري، برقم ١٢٦٥، ومسلم، برقم ١٢٠٦، وتقدم تخريجه في الأمر السادس من أمور الغسل.
(٥) البيهقي، ٣/ ٣٩٥، والحاكم، ١/ ٣٥٤، وتقدم تخريجه في الأمر الرابع من أمور الغسل.
(٦) متفق عليه: البخاري، برقم ١٢٦٥، ومسلم، برقم ١٢٠٦، وتقدم تخريجه.
(٧) قال خباب - رضي الله عنه -: ((هاجرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبيل الله، نبتغي وجه الله، فوجب أجرنا على الله، فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئاً، منهم مصعب بن عمير، قتل يوم أحد، فلم يوجد له شيء، (وفي رواية: ولم يترك) إلا نمرة، فكنا إذا وضعناها على رأسه خرجت رجلاه، وإذا وضعناها على رجليه خرج رأسه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ضعوها مما يلي رأسه (وفي رواية: غطوا بها رأسه)، واجعلوا على رجليه الإذخر، [بكسر الهمزة والخاء: حشيش معروف طيب الرائحة]، ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها))، أي: يجتنيها.
أخرجه البخاري (٣/ ١٠)، برقم ٤٠٤٧، ومسلم (٣/ ٤٨) برقم ٩٤٠، والسياق له، وابن الجارود في ((المنتقى)) (٢٦٠)، والترمذي (٤/ ٣٥٧)، وصححه النسائي (١/ ٢٦٩)، والبيهقي (٣/ ١٠)، وأحمد (٦/ ٣٩٥)، والرواية الثانية له وللترمذي. وروى منه أبو داود (٢/ ١٤، ٦٢) قوله في مصعب: ((قتل يوم أحد ... )) والرواية الثالثة له، وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف أخرجه البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>