للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (١)، وأكثر الناس يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا، ويغفلون عن الله والدار الآخرة، قال الله تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} (٢).

[السبب الأربعون: الاستجابة لله ولرسوله مع العلم أن الله يحول الله بين المرء وقلبه:]

لا شك أن من أسباب الخشوع في الصلاة الاستجابة لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - مع الخوف من أي يحول الله بين العبد وقلبه، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} (٣)، فالله تعالى يأمر عباده المؤمنين بالاستجابة له ولرسوله، والانقياد والمبادرة إلى ذلك، والاجتناب لما نهى عنه الله ورسوله، والدعوة إلى ذلك؛ لأن حياة القلب والروح بعبوديته تعالى، ولزوم طاعته وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولهذا حذّر عن عدم الاستجابة لله ولرسوله فقال: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} فإياكم أن تردُّوا أمر الله أول ما يأتيكم، فيحال بينكم وبينه إذا أردتموه بعد ذلك، وتختلف قلوبكم؛ فإن الله يحول بين المرء وقلبه، يقلّب القلوب حيث شاء، ويصرّفها كيف شاء (٤).

فينبغي للعبد أن يسأل الله أن يصرّف قلبه على طاعته؛ لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ))، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اللَّهُمَّ مُصَرّفَ الْقُلُوبِ صَرّفْ قُلُوبَنَا


(١) سورة الكهف، الآية: ٢٨.
(٢) سورة الروم، الآيتان: ٦ - ٧.
(٣) سورة الأنفال، الآية: ٢٤.
(٤) أنظر: تيسير الكريم الرحمن للسعدي، ص٣١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>