(٢) مسلم، برقم ١٠ - (٩٠٤). (٣) البخاري، برقم ١٠٤٤، ١٠٤٧، ١٠٥٠، ١٠٥٦، ومسلم، برقم ٩٠١. (٤) اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في صفة صلاة الكسوف، فذهب الحنابلة والشافعية، والمالكية إلى أن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة: قيامان، وقراءتان، وركوعان، وسجودان، للأحاديث الصحيحة السابقة. وذهب أبو حنيفة والثوري والنخعي إلى أن صلاة الكسوف ركعتان، وحكاه النووي عن الكوفيين إلى أنها ركعتان في كل ركعة ركوع واحد كسائر النوافل، والأحاديث الصحيحة حجة عليهم. [شرح النووي على صحيح مسلم، ٦/ ٤٥٢، والمفهم للقرطبي، ٢/ ٥٥٠، ونيل الأوطار، ٢/ ٦٣٧، والإعلام بفوائد عمدة الأحكام، ٤/ ٢٧٤، وزاد المعاد، ١/ ٤٥٠، والمغني لابن قدامة، ٣/ ٣٢٣]. أما ما جاء في الأحاديث الأخرى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الكسوف ركعتين في كل ركعة ثلاث ركوعات وسجدتان كما في حديث جابر - رضي الله عنه - عند مسلم برقم ١٠ - (٩٠٤)، وما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن صفة صلاة الكسوف تصلى ركعتين في كل ركعة أربع ركوعات وسجدتان، كما في صحيح مسلم، برقم ٩٠٨، وما جاء في حديث أبي بن كعب - رضي الله عنه - أن صلاة الكسوف تصلى ركعتين في كل ركعة خمس ركوعات كما في سنن أبي داود، برقم ١١٨٢، وفي مسند الإمام أحمد، ٥/ ٦٠ - ٦١، وما جاء في حديث عبد الرحمن بن سمرة أن صلاة الكسوف تصلى ركعتين كل ركعة بركوع واحد كما في صحيح مسلم، برقم ٩١٣، وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في ذلك على أقوال: قال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام، ٣/ ٢٦٠: ((إذا عرفت هذه الأحاديث فقد يحصل من مجموعها أن صلاة الكسوف ركعتان اتفاقًا إنما اختلف في كمية الركوع في كل ركعة فحصل من مجموع الروايات التي ساقها المصنف أربع صور: الأولى ركعتان في كل ركعة ركوعان، وبهذا أخذ الشافعي ومالك والليث وأحمد وغيرهم، وعليها دل حديث عائشة، وجابر، وابن عباس، وابن عمر، قال ابن عبد البر [في التمهيد، ٣/ ٣٠٢، ٣١٣، والاستذكار، ٧/ ٩٣]: هو أصح ما في الباب وباقي الروايات معللة ضعيفة. الثانية: ركعتان في كل ركعة أربع ركوعات، وهي التي أفادتها رواية مسلم عن ابن عباس وعلي [- رضي الله عنهم -]. والثالثة: ركعتان أيضًا في كل ركعة ثلاث ركوعات وعليها دل حديث جابر. والرابعة: ركعتان أيضًا يركع في كل واحدة خمس ركوعات، ولَمّا اختلفت الروايات اختلف العلماء، فالجمهور أخذوا بالأولى لِمَا عرفت من كلام ابن عبد البر، وقال النووي في شرح مسلم، [٦/ ٤٥٣]: إنه أخذ بكل نوع بعض الصحابة، وقال جماعة من المحققين: إنه مخير بين الأنواع، فأيها فعل فقد أحسن، وهو مبني على أنه تعدد الكسوف، وأنه فعل هذا تارة وهذا أخرى، ولكن التحقيق أن كل الروايات حكاية عن واقعة واحدة هي صلاته - صلى الله عليه وسلم - يوم وفاة إبراهيم، ولهذا عوّل الآخرون على إعلال الأحاديث التي حكت الصور الثلاث، قال ابن القيم [في زاد المعاد، ١/ ٤٥٣]: ((لا يصححون التعدد لذلك، كالإمام أحمد، والبخاري، والشافعي، ويرونه غلطًا)). وذهبت الحنفية إلى أنها تصلى ركعتين كسائر النوافل)) انتهى كلام الصنعاني ونقله رحمه الله. وقال النووي رحمه الله: ((وقال جماعة من أصحابنا الفقهاء المحدثين وجماعة من غيرهم: هذا الاختلاف في الروايات حسب اختلاف حال الكسوف ففي بعض الأوقات تأخر انجلاء الكسوف فزاد عدد الركوع، وفي بعضها أسرع الانجلاء فاقتصر، وفي بعضها توسط بين الإسراع والتأخر فتوسط في عدده، واعترض الأولون على هذا بأن تأخر الانجلاء لا يعلم في أول الحال ولا في الركعة الأولى وقد اتفقت الروايات على أن عدد الركوع في الركعتين سواء، وهذا يدل على أنه مقصود في نفسه، منوي من أول الحال)). [شرح النووي على صحيح مسلم، ٦/ ٤٥٣]. ورجح الإمام ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد، ١/ ٤٥٦، أن الصواب أن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان وسجدتان، قال: ((وهذا اختيار أبي بكر وقدماء الأصحاب، وهو اختيار شيخنا أبي العباس ابن تيمية، وكان يضعّف كل ما خالفه من الأحاديث، ويقول: هي غلط، وإنما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الكسوف مرة واحدة يوم مات ابنه إبراهيم، والله أعلم)). انتهى. وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله أثناء تقريره على منتقى الأخبار، الحديث رقم ١٧٢٢، يقول: ((والصواب أن هذه الأحاديث شاذة، والأقرب والأرجح النوع الأول، وهو أن يصلي ركعتين كل ركعة: بقراءتين، وركوعين، وسجودين))،وانظر: فتح الباري لابن حجر، ٢/ ٥٣٢، وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ١٧ - ١٨/ ١٨، والإعلام بفوائد عمدة الأحكام، ٤/ ٢٧٤ - ٢٨٠.