للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدركه، والقول الآخر أنه لا يجيب إلا ما سمع، وأنه يفوت لفوات محله، ولعل هذا أرجح ... )) (١).

٢١ - إجابة النداء سنة قولية وفعلية مؤكدة، عمل بها: الصحابة، والتابعون، والأخيار من أهل العلم والإيمان، وعمل بها العلماء الراسخون في العلم، وحثُّوا الناس ورغَّبوهم فيها، خاصة في حلقاتهم ودروسهم العلمية، فإذا أذَّن المؤذّن أوقفوا الدروس، وتابعوا الأذان، وأمروا من لم يتابع المؤذن أن يتابعه، فينصتون كما ينصتون لقراءة القرآن، إلا أنهم يجيبون النداء بالأذكار المشروعة سراً بقدر ما يسمع الإنسان نفسه ومن حوله.

وكان شيخنا الإمام العامل بالسنة ابن باز رحمه الله إذا أذَّن المؤذّن أنصت وتابع الأذان، وأمر من لم ينصت بمتابعة المؤذن، ولا أحصي ما رأيت من مواقفه في تطبيقه لهذه السُّنّة: سواء كان ذلك في الدروس العلمية، أو في المحاضرات والندوات، أو في الجلسات العامة في بيته أو في غيره، وقد رأيته في دروسه إذا شرع المؤذن في الأذان أوقف الدرس، وأرخى رأسه، وتابع الأذان، وكذلك جميع من يحضر مجلسه من تلاميذه وغيرهم يقتدون به، وينصتون كأن على رؤوسهم الطير، ويجيبون المؤذن.

[الثاني عشر: حكم الخروج من المسجد بعد الأذان:]

يَحْرُمُ خروج من وجبت عليه الصلاة بعد الأذان في الوقت من مسجدٍ بلا عذر أو نية رجوع؛ لقول أبي هريرة - رضي الله عنه - لرجل خرج بعد الأذان من المسجد: ((أما هذا فقد عصى أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم -)) (٢). قال الترمذي: ((وعلى هذا العمل عند


(١) فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف، مفتي المملكة العربية السعودية سابقاً، ورئيس القضاة والشؤون الإسلامية، ٢/ ١٣٤. ثم قال: ((ومن قال إنه يبدأ بأوله فإن أقام دليلاً ترجح قوله، وإلا فظاهر ((إذا سمعتم)) يتعلق بما سمع)). ٢/ ١٣٤.
(٢) أخرجه مسلم، في كتاب المساجد، باب النهي عن الخروج من المسجد إذا أذن المؤذن، برقم ٦٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>