للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشريعة من جهتين: من جهة تأخره وهو مأمور بالتقدم، ومن جهة غصبه لطائفة من المسجد ومنعه السابقين إلى المسجد أن يصلّوا فيه، وأن يتمّوا الصف الأول، ثم إنه يتخطّى الناس إذا حضروا (١).وأفتى بعدم جواز ذلك العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله، وبيَّن أنه لا يحلّ؛ لأنه مخالف للشرع، ومخالف لما كان عليه الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعون لهم بإحسان (٢).

٣٩ - لا يجلس الجنب والحائض في المسجد، لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} (٣). والمعنى: لا تقربوا المصلى للصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون، ولا تقربوه جنباً إلا عابري سبيل: يعني إلا مجتازين فيه الخروج منه، فقد أقيمت الصلاة هنا مقام المصلى والمسجد إذا كانت صلاة المسلمين في مساجدهم، ورجح هذا التفسير الإمام ابن جرير رحمه الله (٤).وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: ((ومن هذه الآية احتجّ كثير من الأئمة على أنه يحرم على الجنب المكث في المسجد، ويجوز له المرور، وكذا الحائض والنفساء أيضاً في معناه)) (٥)، ولكن على الحائض والنفساء أن تتحفظ حتى لا تلوث المسجد، وفي حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: ((ناوليني الخمرة (٦) من المسجد))، فقالت: إني حائض، فقال: ((إن حيضتك ليست في يدك)) (٧). وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد قال: ((يا عائشة ناوليني الثوب) فقالت:


(١) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام، ابن تيمية، ٢٤/ ٢١٦ - ٢١٧، و٢٧/ ٨٨.
(٢) انظر: الفتاوى السعدية، ص١٨٢، وقد سمعت شيخنا الإمام عبد العزيز ابن باز رحمه الله يفتي بعدم جواز ذلك، إلا إذا كان الإنسان في المسجد ثم خرج للوضوء ثم يعود.
(٣) سورة النساء، الآية: ٤٣.
(٤) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن،٨/ ٣٨٢ - ٣٨٥.
(٥) تفسير القرآن العظيم، ص٣٢٧.
(٦) الخمرة: السجادة أو ما في معناها.
(٧) مسلم، كتاب الحيض، باب الاضطجاع مع الحائض في لحاف واحد، برقم ٢٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>