للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قياماً، وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون)) (١). هذا الحديث دل على أن شرعية الإمامة؛ ليُقتدَى بالإمام، ومن شأن التابع والمأموم أن لا يتقدم متبوعه، ولا يساويه، ولا يتقدم عليه في موقفه، بل يراقب أحواله ويأتي على إثرها بنحو فعله، ومقتضى ذلك أن لا يخالفه في شيء من الأحوال، وقد فصَّل الحديث ذلك، ويقاس ما لم يذكر من أحواله: - كالتسليم - على ما ذكر، فمن خالفه في شيء مما ذكر فقد أثم (٢).

٢ - مسابقة الإمام. قد توعّد النبي - صلى الله عليه وسلم - من سابق إمامه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أمَا يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يُحوَّل رأسُهُ رأس حمار) وفي لفظ البخاري: ((أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو يجعل الله صورته صورة حمار)) (٣)، وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، فلما قضى الصلاة أقبل علينا بوجهه فقال: ((أيها الناس إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع، ولا بالسجود، ولا بالقيام، ولا بالانصراف (٤)؛ فإني أراكم أمامي ومن خلفي، والذي نفسي بيده لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً)) قالوا: ما رأيت يا رسول الله؟ قال: ((الجنة والنار)) (٥).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - موقوفاً عليه: ((الذي يرفع رأسه ويخفضه قبل الإمام إنما ناصيته بيد شيطان)) (٦). قال الإمام مالك - رحمه الله - فيمن سها فرفع رأسه قبل


(١) أبو داود، كتاب الصلاة، باب الإمام يصلي من قعود، برقم ٦٠٣، وأصله في صحيح البخاري، كتاب الأذان، باب إقامة الصف من تمام الصلاة، برقم ٧٢٢، ومسلم، كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم ٤١٤، وما بين المعقوفين من لفظ البخاري ومسلم.
(٢) سبل السلام للصنعاني، ٣/ ٧٨، وانظر: فتح الباري لابن حجر، ٢/ ٢٠٩، ٢١٧، وشرح النووي على صحيح مسلم، ٤/ ٣٧٧.
(٣) متفق عليه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -:البخاري، كتاب الأذان باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام، برقم ٦٩١،ومسلم، كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام بركوع وسجود أو نحوهما، برقم ٤٢٧.
(٤) الانصراف: المراد به السلام.
(٥) مسلم، كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام: بركوع، أو سجود، أو نحوهما، برقم ٤٢٦.
(٦) أخرجه مالك في الموطأ، كتاب الصلاة، باب ما يفعل من رفع رأسه قبل الإمام،
١/ ٩٢، برقم ٥٧، وانظر: فتح الباري، ٢/ ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>