للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ الله أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا} (١).

٢ - وأما السنة، فقد ثبتت الأحاديث الصحيحة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بأصحابه صلاة الخوف مرات متعددة على صفات متنوعة (٢).

٣ - وأما الإجماع، فأجمع الصحابة على فعلها، فكان الصحابة في الخوف يصلون صلاة الخوف، جاء ذلك عن علي - رضي الله عنه - ليلة صِفّين، وجاء عن أبي هريرة، وأبي موسى الأشعري، وعن سعيد بن العاص، وحذيفة - رضي الله عنهم - (٣) ولا ينظر إلى الأقوال الشاذة التي تخالف ذلك (٤).

رابعًا: أنواع صلاة الخوف: جاءت صلاة الخوف في أحاديث كثيرة، وأشكال متباينة (٥)، والصواب أن كل صفة ثبتت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جائزة


(١) سورة النساء، الآية: ١٠٢.
(٢) انظر: المغني لابن قدامة،٣/ ٢٩٦،والشرح الكبير لابن قدامة المطبوع مع المقنع والإنصاف،٥/ ١١٤.
(٣) انظر: المغني، ٣/ ٢٩٧، والشرح الكبير، ٥/ ١١٤، وحاشية ابن قاسم على الروض المربع،
٢/ ٤١١، وتيسير العلام شرح عمدة الأحكام، للبسام، ١/ ٣٤٨، والإعلام بفوائد عمدة الأحكام، لابن الملقن، ٤/ ٣٥٠، والشرح الكبير المطبوع مع المقنع والإنصاف، ٥/ ١١٥.
(٤) كقول من يقول: إن صلاة الخوف مختصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وبمن صلى معه وذهبت بوفاته، وهذا يذكر عن أبي يوسف، وقوله لا حجة فيه؛ لأن الله قد أمر باتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - والتأسي به ويلزمنا ذلك مطلقًا حتى يدل الدليل على الخصوص؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) البخاري برقم ٦٠٠٨، ومسلم برقم ٦٧٤؛ ولأن الصحابة - رضي الله عنهم - لم يقولوا بالخصوص، وادعى المزني: نسخ صلاة الخوف؛ لأنها لم تفعل يوم الخندق، والجواب: أنها لم تشرع حينذاك وإنما شرعت بعد ذلك. وانفرد مالك فقال: لا يجوز فعلها في الحضر، وقد ذكر الإمام القرطبي في المفهم أنه صلاها ببطن نخل على باب المدينة، ومن العلماء من رأى أن الصلاة تؤخر إلى وقت الأمن ولا تصلى في حال الخوف، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق، والجواب: أن فعله - صلى الله عليه وسلم - كان قبل نزول صلاة الخوف بالإجماع. انظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام لابن الملقن، ٤/ ٣٥٠ - ٣٥١، والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ٢/ ٤٦٩ - ٤٧٤، وشرح النووي على صحيح مسلم، ٦/ ٣٧٢ - ٣٧٨.
(٥) جاءت صلاة الخوف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على أنواع مختلفة، ذكر الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم أنها جاءت في أحاديث يبلغ مجموعها ستة عشر نوعًا، وهي مفصلة في صحيح مسلم، وبعضها في سنن أبي داود، واختار الشافعي منها ثلاثة أنواع: بطن نخل، وذات الرقاع، وعسفان. شرح النووي، ٦/ ٣٧٥، والإعلام بفوائد عمدة الأحكام، ٤/ ٣٥١. وذكر الحاكم في مستدركه،
١/ ٣٣٥، ٣٣٨، ثمانية أنواع منها. وصحح ابن حزم في صفتها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة عشر نوعًا [المحلى، ٥/ ٣٣، ٤٢، وابن خزيمة، ٢/ ٢٩٣، ٣٠٧، وذكر القرطبي في المفهم عشرة أحاديث منها وتكلم عليها. المفهم، ٢/ ٤٦٨ - ٤٧٦، قال أبو داود: جميع ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الخوف جائز، لا نرجح بعضه على بعض، وقال الإمام أحمد: ما أعلم في هذا الباب إلا حديثًا صحيحًا، واختار حديث سهل بن أبي حثمة. الإعلام بفوائد عمدة الأحكام، لابن الملقن، ٤/ ٣٥٢، وانظر: المغني، لابن قدامة، ٣/ ٣١١ - ٣١٤، وقال الإمام ابن القيم بعد أن ذكر ست صفات من أنواع صلاة الخوف، وقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم - صفات أخرى ترجع كلها إلى هذه، وهذه أصولها، وربما اختلف بعض ألفاظها، وقد ذكر بعضهم عشر صفات، وذكرها أبو محمد بن حزم نحو خمس عشرة صفة، والصحيح ما ذكرناه أولاً، وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصة، جعلوا ذلك وجوهًا من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هو من اختلاف الرواة، والله أعلم)) زاد المعاد، ١/ ٥٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>