للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحديث يدلّ على جواز انتقال الإمام مأموماً إذا استُخلف فحضر مستخلفهُ (١).

وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز - رحمه الله - يقول: ((فيه الدلالة على أنه لا بأس أن يتأخر الإمام إذا كان خليفة وجاء المستخلف، فيكون في أول [الصلاة إماماً] وفي أثنائها مأموماً، لا حرج في ذلك، كما فعل الصّدّيق لمَّا حضر النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو استمر إماماً فلا حرج؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشار إليه أن يستمر، ولكنه كره ذلك وقال: ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي حديث عبد الرحمن بن عوف عند مسلم في غزوة تبوك (٢) أنه صلى بالناس وأقره النبي - صلى الله عليه وسلم -، وصلى خلفه، وكان عبد الرحمن قد صلى بالناس ركعة من صلاة الفجر، فلمَّا سلم عبد الرحمن قام النبي فقضى ركعة هو والمغيرة، فإذا جاء الإمام والمستخلف قد صلى ركعة فينبغي له ألا يتقدم؛ بل يصلي مع الناس، أما إذا كان في أولها فهو مخير إن شاء تقدم وتأخر الخليفة، وإن شاء تركه يكمل وصلى مع الناس، والأفضل أن يتركه يكمل؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر الصّدّيق أن يكمل ولكن الصّدّيق تأدَّب)) (٣).

ويدل على ذلك أيضاً حديث عائشة رضي الله عنها: ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرض موته وجد خفة فخرج فوجد أبا بكر يصلي بالناس فأراد أبو بكر أن يتأخر فأومأ إليه أن مكانك، ثم جيء به - صلى الله عليه وسلم - يُهادى بين رجلين حتى جلس إلى جنبه عن يسار أبي بكر، وكان أبو بكر يصلي قائماً، وكان رسول الله


(١) نيل الأوطار للشوكاني، ٢/ ٣٧٧، وانظر: المغني لابن قدامة، ٣/ ٦٥.
(٢) مسلم، برقم ٢٧٤، وتقدم تخريجه في صلاة الجماعة.
(٣) سمعته أثناء تقريره على المنتقى من أخبار المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، الحديث رقم ١٣٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>