للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا سافر بعد دخول وقت الصلاة فله قصرها؛ لأنه سافر قبل خروج وقتها، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن له قصرها، وهذا قول مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي، وهو إحدى الروايتين في مذهب الحنابلة (١) والله أعلم (٢).

ثامنًا: إقامة المسافر التي يقصر فيها الصلاة، قال ابن المنذر رحمه الله: ((وأجمع أهل العلم لا اختلاف بينهم على أن لمن سافر سفرًا يقصر في مثله الصلاة وكان سفره في حج أو عمرة، أو غزو أن له أن يقصر مادام مسافرًا)) (٣).

فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: ((خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين، قلت: كم أقام بمكة (٤)؟ قال: عشرًا)) (٥).

قال ابن قدامة رحمه الله: ((وجملة ذلك أن من لم يُجمع إقامة مدة تزيد على إحدى وعشرين صلاة فله القصر ولو أقام سنين)) (٦).

أما إذا نوى الإقامة في بلد أكثر من أربعة أيام؛ فإنه يتم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم مكة في حجة الوداع يوم الأحد من ذي الحجة، وأقام فيها الأحد، والإثنين، والثلاثاء، والأربعاء، ثم خرج إلى منى يوم الخميس، فقد قدم لصبح رابعة، فأقام اليوم الرابع، والخامس، والسادس، والسابع، وصلى الفجر بالأبطح يوم الثامن، فكان يقصر الصلاة في هذه الأيام، وقد أجمع على إقامتها، فإذا أجمع المسافر أن يقيم كما أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - قصر، وإذا أجمع


(١) المغني لابن قدامة، ٣/ ١٤٣، وانظر: الإنصاف للمرداوي المطبوع مع المقنع، والشرح الكبير،
٥/ ٥٣، والرواية الثانية عند الحنابلة وهي الرواية الصحيحة من مذهبهم أنه يتمها. انظر: الإنصاف المطبوع مع المقنع والشرح الكبير، ٥/ ٥٣، المغني لابن قدامة، ٣/ ١٤٣.
(٢) واختار العلامة ابن عثيمين القصر فقال: ((لو دخل وقت وهو في بلده ثم سافر فإنه يقصر، ولو دخل وقت الصلاة وهو السفر ثم دخل بلده فإنه يتم، اعتبارًا بحال فعل الصلاة)) الشرح الممتع، ٤/ ٥٢٣.
(٣) الإجماع لابن المنذر، ص٤٧.
(٤) السائل هو الراوي عن أنس: يحيى بن أبي إسحاق.
(٥) متفق عليه: البخاري، كتاب تقصير الصلاة، باب ما جاء في التقصير وكم يقيم حتى يقصر، برقم ١٠٨١، ومسلم كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها، برقم ٦٩٣.
(٦) المغني لابن قدامة، ٣/ ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>