للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١ - اقتداء القائم بالجالس المعذور جائز؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ((مُروا أبا بكر فليصلّ بالناس))، فخرج أبو بكر يصلي فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفسه خفة فخرج يهادى (١) بين رجلين، فأراد أبو بكر أن يتأخر، فأومأ إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن مكانك، ثم أتيا به حتى جلس إلى جنبه عن يسار أبي بكر، وكان أبو بكر يصلي قائماً، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي قاعداً، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،والناس بصلاة أبي بكر)).وفي لفظ للبخاري: ((فخرج يهادى بين رجلين في صلاة الظهر)).وفي لفظ لمسلم: ((وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس وأبو بكر يسمعهم التكبير)) (٢).قال الإمام الشوكاني- رحمه الله -: ((وقد استدل بحديث الباب القائلون بجواز ائتمام القائم بالقاعد)) (٣).

وقرر الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: أن الروايات تضافرت عن عائشة رضي الله عنها بالجزم بما يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان هو الإمام في تلك الصلاة، ثم بيّن بعد أن ذكر الخلاف أن من العلماء من سلك الترجيح فقدّم الرواية التي فيها أن أبا بكر كان مأموماً للجزم بها، ومنهم من سلك عكس ذلك ورجّح أنّ أبا بكر كان إماماً، ومنهم من سلك الجمع فحمل القصة على التعدد، وأنه - صلى الله عليه وسلم - صلى تارة إماماً وتارة مأموماً في


(١) يهادى: أي يعتمد على رجلين متمايلاً يميناً وشمالاً في مشيته من شدة الضعف. انظر: المفهم للقرطبي، ٢/ ٥١، ونيل الأوطار، ٢/ ٣٧٨.
(٢) متفق عليه: البخاري، برقم ٧١٣، ومسلم، برقم ٤١٨، وتقدم تخريجه في انتقال الإمام مأموماً.
(٣) نيل الأوطار، ٢/ ٣٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>