للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل كسره حيّاً)). وهذا لفظ أحمد، ولفظ أبي داود وابن ماجه: ((كسر عظم الميت ككسره حيّاً)) (١). وهل يجوز للإنسان أن يتبرع بشيء من أعضائه في حياته أو يوصي بذلك مع موته؟ اختلف العلماء في ذلك (٢).

الأمر السادس: حكم تغسيل الميت: فرض كفاية إذا فعله من فيه كفاية سقط الإثم عن الباقين، وإن تركوه كلهم أثموا كلهم؛ لحديث ابن

عباس رضي الله عنهما في الذي وقصته راحلته أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فيه: ((اغسلوه بماءٍ وسدر)) (٣)، والأمر يقتضي الوجوب، ومن المعلوم أنه لا يريد من كل واحد من المسلمين أن يغسل هذا الميت إنما يوجه الخطاب للعموم، فإذا قام به بعضهم كفى (٤)؛ ولحديث أمّ عطية رضي الله عنها وفيه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - للنساء اللاتي يغسلن ابنته ((اغسلنها ثلاثاً أو خمساً، أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك)) (٥).


(١) أحمد، ٦/ ٥٨، وأبو داود، كتاب الجنائز، باب في الحفار يجد العظم هل يتنكَّب ذلك المكان، برقم ٣٢٠٧، وابن ماجه، كتاب الجنائز، باب في النهي عن كسر عظم الميت، برقم ١٦١٦، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ٢/ ٣٠١.
(٢) اختلف العلماء في تبرع الإنسان ببعض أعضائه في حياته، أو الوصية بها بعد مماته، وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله يقول: ((والراجح أن الإنسان إذا تبرع بشيء من أعضائه في حياته أنه لا يجوز ذلك عندي؛ لأنه ليس له التصرف في شيء من أعضائه، وليست ملكاً له، ورأى هيئة كبار العلماء بالأكثرية أنه لا بأس بذلك إذا تبرع بذلك في حياته، ولكن هناك منهم من توقف وأنا ممن توقف، ورأيت أن ذلك ليس ملكاً له، حتى لو كان حيّاً فتبرع بكلية أو غيرها، فإني أرى عدم التبرع مطلقاً: لا في الحياة، ولا بعد الموت، لما تقدم أنها ليست ملكاً له. أما الدم والتبرع به فلا بأس؛ لأن الأمر فيه يسير))، انتهى كلامه رحمه الله. وقد سمعته يقول ذلك أثناء تقريره على المنتقى من أخبار المصطفى، لأبي البركات عبد السلام ابن تيمية، الحديث رقم ١٧٨١.
(٣) متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب الكفن في ثوبين، برقم ١٢٦٥، ومسلم، كتاب الحج، باب ما يفعل بالمحرم إذا مات، برقم ١٢٠٦.
(٤) انظر: الشرح الممتع لابن عثيمين، ٥/ ٣٣٦، والروض المربع، ٢/ ٢٨.
(٥) متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب يجعل الكافور في الأخيرة، برقم ١٢٥٩، ومسلم، كتاب الجنائز، باب في غسل الميت، برقم ٩٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>