للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز له التيمم، فكما جاز له التيمم في هذا القدر جاز له التنفل على الدابة لاشتراكهما في الرخصة (١).

الحادي عشر: السنة ترك الرواتب في السفر إلا سنة الفجر، والوتر؛ لحديث حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، قال: صحبت ابن عمر في طريق مكة، قال: فصلى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله، وجلس وجلسنا معه، فحانت منه التفاتةٌ نحوَ (٢) حيثُ صلى، فرأى ناسًا قيامًا، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يسبحون، قال: لو كنت مسبحًا أتممت صلاتي، يا ابن أخي إني صحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وقد قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (٣). أما سنة الفجر، والوتر فلا تُترك لا في الحضر ولا في السفر؛ لحديث عائشة رضي الله عنها في سنة الفجر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ((لم يكن يدعهما أبدًا)) (٤)؛ ولحديث أبي قتادة - رضي الله عنه - في نوم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في السفر عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس، وفيه: ((ثم أذن بلال بالصلاة فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين، ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم)) (٥).

وأما سنة الوتر؛ فلحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ((كان النبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٢/ ٥٧٥، وقد ذكر صاحب المغني أن الأحكام التي يستوي فيها السفر الطويل والقصير ثلاثة: التيمم، وأكل الميتة في المخمصة، والتطوع على الراحلة، وبقية الرخص تختص بالسفر الطويل. المغني لابن قدامة، ٢/ ٦٩.
(٢) المقصود: حصلت منه التفاتةٌ إلى جهة المكان الذي صلَّى فيه. انظر: شرح النووي، ٥/ ٢٠٤.
(٣) متفق عليه: البخاري بنحوه، كتاب التقصير، باب من لم يتطوع في السفر دبر الصلاة، برقم ١١٠١، ١١٠٢، ومسلم بلفظه، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها، برقم ٦٨٩.
(٤) متفق عليه: البخاري، برقم ١١٥٩، ومسلم، برقم ٧٢٤، وتقدم تخريجه.
(٥) أخرجه مسلم، برقم ٦٨١، وتقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>