للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ((كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب قائماً ثم يقعد، ثم يقوم)) (١)، وهذه الجلسة سنة عند جمهور أهل العلم (٢).

٦ - يعتمد على عصا أو قوس؛ لحديث الحكم بن حَزْن الكلفي، قال: وفدت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سابع سبعة أو تاسع تسعة، فدخلنا عليه، فقلنا: يا رسول الله! زرناك فادع الله لنا بخير، فأمر بنا أو أمر لنا بشيء من التمر والشأن إذ ذاك دونٌ، فأقمنا بها أياماً شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقام متوكئاً على عصاً أو قوس، فحمد الله وأثنى عليه: كلمات، خفيات، طيبات، مباركات، ثم قال: ((أيها الناس إنكم لن تطيقوا - أو لن تفعلوا - كلما أمرتم به، ولكن سدّدوا، وأبشروا)) (٣).

وعن البراء - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نُووِلَ يوم العيد قوساً فخطب عليه (٤).

والحديث فيه مشروعية الاعتماد على عصا أو قوس، قيل: والحكمة في ذلك: الاشتغال عن العبث، وقيل: إنه أربط للجأش (٥)، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((ولم يكن يأخذ بيده سيفاً ولا غيره، وإنما كان يعتمد على قوس أو عصا قبل أن يتخذ المنبر، وكان في الحرب يعتمد


(١) متفق عليه: البخاري، برقم ٩٢٠، ومسلم، برقم ٨٦١، وتقدم تخريجه في الشرط الرابع من شروط صحة الجمعة.
(٢) ذهب الإمام الشافعي إلى أن خطبة الجمعة لا تصح من القادر على القيام إلا قائماً في الخطبتين، ولا يصح حتى يجلس بينهما، وأن الجمعة لا تصح إلا بخطبتين ... وقال أبو حنيفة ومالك والجمهور: الجلوس بين الخطبتين سنة ليس بواجب ولا شرط. شرح النووي على صحيح مسلم، ٦/ ٣٩٨ - ٣٩٩، وذكر ابن قدامة أن الجلسة بين الخطبتين ليست بواجبة في قول أكثر أهل العلم، وذكر قول الشافعي بالوجوب. ثم رجح أنها مستحبة؛ لأنه قد سرد الخطبة جماعة منهم: المغيرة بن شعبة، وأبي بن كعب، وعلي؛ ولأن جلوس النبي - صلى الله عليه وسلم - كان للاستراحة فلم تكن واجبة. المغني لابن قدامة، ٣/ ١٧٦ - ١٧٧.
(٣) أبو داود، كتاب الصلاة، باب الرجل يخطب على قوس، برقم ١٠٩٦، وحسن إسناده في التلخيص، ٢/ ٦٥، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، ١/ ٣٠٢.
(٤) أبو داود، كتاب الصلاة، باب يخطب على قوس، برقم ١١٤٥، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ١/ ٣١٤.
(٥) انظر: نيل الأوطار للشوكاني، ٢/ ٥٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>