كتاب صلاة المؤمن

الثالث عشر: فضائل الصبر والاحتساب على المصائب، كثيرة منها ما يأتي: - ٩ - الله تعالى يجزي الصابرين بأحسن ما كانوا يعملون - ج: 3 - ص: 1188

الدنيا والآخرة، ويهدي الله قلبه فيطمئن ولا ينزعج عند المصائب، ويرزقه الله الثبات عند ورودها، والقيام بموجب الصبر فيحصل له بذلك ثواب عاجل، مع ما يدخره الله له يوم الجزاء من الثواب (١)، قال الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ الله وَمَن يُؤْمِن بِالله يَهْدِ قَلْبَهُ وَالله بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (٢)، قال علقمة عن عبد الله: {وَمَن يُؤْمِن بِالله يَهْدِ قَلْبَهُ} هو الرجل الذي أصابته مصيبة رضي بها وعرف أنها من عند الله)) (٣).

وما أحسن ما قال ابن ناصر الدين الدمشقي رحمه الله تعالى:

سبحان من يبتلي أناساً ... أحبَّهم والبلاءُ عطاءُ

فاصبرْ لبلْوى وكن راضياً ... فإن هذا هو الدواءُ

سلّم إلى الله ما قضاه ... ويفعل الله ما يشاءُ (٤)

٩ - الله تعالى يجزي الصابرين بأحسن ما كانوا يعملون، قال تعالى: {مَا

عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ الله بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (٥) قَسَمٌ من الرب تعالى مؤكَّدٌ باللام أنه يجازي الصابرين بأحسن أعمالهم: الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبع مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة؛ فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، أي ويتجاوز عن سيئاتهم (٦)، ولله دَرُّ أبي يعلى الموصلي القائل:

إني رأيت وفي الأيام تجربة ... للصبر عاقبة محمودة الأثر

---

(١) تفسير السعدي، ص٨٦٧.
(٢) سورة التغابن، الآية: ١١.
(٣) البخاري، كتاب التفسير، سورة التغابن، بعد الحديث رقم ٤٩٠٧.
(٤) برد الأكباد عند فقد الأولاد للحافظ المحدث أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد المعروف بابن ناصر الدين الدمشقي (٧٧٧ - ٨٤٢هـ)، ص١٢.
(٥) سورة النحل، الآية: ٩٦.
(٦) تفسير ابن كثير، ص٧٥٣، وتفسير السعدي، ص٤٤٩.