للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشق عليه فعل الصلاة في وقتها ويضعف عن ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر جميعًا، والمغرب والعشاء جميعًا في غير خوف ولا سفر)). وفي لفظ: ((جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر)) فسئل ابن عباس لم فعل ذلك؟ فقال: ((أراد أن لا يحرج أحدًا من أمته) وفي لفظ: ((أراد أن لا يحرج أمته)) (١). والصواب في تأويل هذا الحديث قول من قال: هو محمول على الجمع بعذر المرض أو نحوه مما هو في معناه من الأعذار (٢).

وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر حمنة بنت جحش رضي الله عنها لما كانت مستحاضة بتأخير الظهر وتعجيل العصر، وتأخير المغرب وتعجيل العشاء (٣)، وهذا هو الجمع الصوري.

١٥ - لا يجوز للمريض ترك الصلاة بأي حال من الأحوال مادام عقله ثابتًا، بل يجب على المكلف أن يحرص على الصلاة أيام مرضه أكثر من حرصه عليها أيام صحته ويصليها في وقتها المشروع حسب استطاعته، فإذا تركها متعمدًا وهو عاقل عالم بالحكم الشرعي مكلف يقوى على أدائها ولو إيماءً فهو آثم، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى كفره بذلك (٤)؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)) (٥)؛ ولحديث جابر - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((بين


(١) مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم ٤٩ - (٧٠٥)، ٥٠ - (٧٠٥)، ٥٤ - (٧٠٥).
(٢) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ٥/ ٢٢٦، والمغني لابن قدامة، ٣/ ١٣٥، وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله يقول بهذا القول.
(٣) أبو داود، برقم ٢٨٧، والترمذي، برقم ١٢٨، وابن ماجه، برقم ٦٢٧، وحسنه الألباني في إرواء الغليل، برقم ١٨٨، وتقدم تخريجه في الطهارة في أحكام المستحاضة.
(٤) انظر: مجموع فتاوى الإمام ابن باز، ١٢/ ٢٤٤.
(٥) الترمذي عن بريدة - رضي الله عنه -، برقم ٢٦٢١، والنسائي، برقم ٤٦٣، وابن ماجه، برقم ١٠٧٩، وصححه الألباني في صحيح النسائي، ١/ ١٥٦، وتقدم تخريجه في منزلة الصلاة، حكم تارك الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>