للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرتبة الرابعة: الخلق، فالله - عز وجل - خالق كل شيء، وما سواه مخلوق له - سبحانه وتعالى -، لا إله غيره ولا رب سواه.

قال - عز وجل -: {الله خَالِقُ كُلّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} (١)،ومع ذلك فقد أمر العباد بطاعته وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -،ونهاهم عن معصيته، وهو سبحانه يحب المحسنين، والمتقين، والمقسطين، ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ولا يحب الكافرين، ولا يرضى عن القوم الفاسقين، ولا يأمر بالفحشاء، ولا يرضى لعباده الكفر، ولا يحب الفساد، وهو الحكيم العليم (٢).

وعلى العبد أن يبذل الأسباب، ويسأل الله التوفيق والهداية، ويعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له، وأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، ولا يظلم مثقال ذرة، قال - سبحانه وتعالى -: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (٣).

فينبغي للمسلم أن يعقد قلبه على هذا الأصل معتمداً على الأدلة من الكتاب والسنة، ولا يخوض فيما لا علم له به، ويحث الناس على النشاط والقوة، والاستعانة بالله وتفويض المقادير إلى الله - عز وجل - وأن يتركوا العجز والكسل (٤)، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا، ولكن قل: قَدَرُ الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان)) (٥)، ولهذه


(١) سورة الزمر، الآية: ٦٢.
(٢) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ٣/ ١٤٨.
(٣) سورة الزلزلة، الآيتان: ٧ - ٨.
(٤) انظر: الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية، للإمام ابن بطة، ((كتاب الإيمان))، ١/ ٢١٨ - ٢٢٠، و ((كتاب القدر)) ١/ ٢٦٧، ٢٧٣، ٣٢٣، و٢/ ٣٠٧، وأصول السنة لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الأندلسي، الشهير بابن أبي زمنين، ١٩٧ - ٢٠٦.
(٥) أخرجه مسلم،٤/ ٢٠٥٢،كتاب العلم، باب الإيمان بالقدر والإذعان له، برقم ٢٦٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>