للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل عليّ غيرها؟ قال: ((لا، إلا أن تطوع))] فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشرائع الإسلام، قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والذي أكرمك لا أتطوع شيئاً ولا أنقص مما فرض الله عليّ شيئاً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أفلح إن صدق، أو أُدخل الجنة إن صدق)) (١)؛ ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذاً إلى اليمن وفيه: (( ... فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمسَ صلوات في اليوم والليلة ... )) (٢). وهذان الحديثان يدلان على أن الوتر ليس بواجب، وهو مذهب جمهور العلماء (٣)، بل هو سنة مؤكدة جداً، ولهذا لم يترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة الفجر والوتر في الحضر ولا في السفر (٤).

٢ - فضل الوتر، له فضل عظيم؛ لحديث خارجة بن حذافة العدوي، قال: خرج علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((إن الله تعالى قد أمدكم بصلاة وهي خير لكم من حُمرِ النَّعم، وهي الوِتر، وجعلها لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر)) (٥).


(١) متفق عليه: البخاري، كتاب الإيمان، باب الزكاة في الإسلام، برقم ٤٦، وكتاب الصوم، باب وجوب صوم رمضان، برقم ١٨١٩، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، برقم ١١.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب المغازي، باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن، برقم ٤٣٤٧، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، برقم ١٩.
(٣) وذهب إلى وجوب الوتر الإمام أبو حنيفة - رحمه الله -؛ لظاهر الأحاديث المشعرة بالوجوب، ولكن قد صرفها عن الوجوب أحاديث أخرى. انظر: نيل الأوطار للشوكاني، ٢/ ٢٠٥ - ٢٠٦، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أن الوتر يجب على من يتهجد بالليل، قال: ((وهو مذهب بعض من يوجبه مطلقاً))، [الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية للبعلي، ص٩٦].
قلت: وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز ابن باز مرات أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم ٣٩٣، وتقريره على الروض المربع، ٢/ ١٨٣ يذكر أن الوتر ليس بواجب بل سنة مؤكدة. وانظر: المغني لابن قدامة، ٢/ ٥٩١، ٢/ ٦، ٢/ ٥٩٥.
(٤) انظر: زاد المعاد لابن القيم، ١/ ٣١٥، والمغني لابن قدامة، ٣/ ١٩٦، و٢/ ٢٤٠.
(٥) أخرجه أبو داود، كتاب الوتر، باب استحباب الوتر، برقم ١٤١٨، وسنن الترمذي، كتاب الوتر، باب ما جاء في فضل الوتر، برقم ٤٥٢، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الوتر، برقم ١١٦٨،والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي،١/ ٣٠٦،وله شاهد عند أحمد، ١/ ١٤٨، وصححه الألباني دون قوله: ((هي خير لكم من حمر النعم)) إرواء الغليل، ٢/ ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>