للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث أبي طلحة: أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من قريش فقذفوا في طويٍّ (١) من أطواء بدر خبيث مخبث، وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة (٢) ثلاث ليالٍ، فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشُدَّ عليها رحلها ثم مشى وتبعه أصحابه وقالوا: ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته، حتى قام على شَفةِ الركيّ (٣) فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: ((يا فلان ابن فلان، ويا فلان ابن فلان، أيَسرُّكم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقّاً، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقّاً؟)) قال: فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((والذي نفس محمد بيده ما

أنتم بأسمع لما أقول منهم)) قال قتادة: أحياهم الله حتى أسمعهم قوله: توبيخاً، وتصغيراً، ونقمة، وحسرة وندماً)) (٤).

* واختلف العلماء - رحمهم الله تعالى - في سماع الأموات؛ لقوله تعالى: {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ} (٥). وقال تعالى في سورة الروم: {فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} (٦). وقوله تعالى: {وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ} (٧).

ذكر الإمام الشنقيطي - رحمه الله - أنه لا يصح في تفسير ذلك من


(١) الطوي: البئر المطوية. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، ٣/ ١٤٦.
(٢) العرصة: كل موضع واسع لا بناء فيه. النهاية لابن الأثير، ٣/ ٢٠٨.
(٣) الركي: البئر التي لم تطوَ. تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي، ص٢٦٧.
(٤) متفق عليه: البخاري، كتاب المغازي، باب قتل أبي جهل، برقم ٣٩٧٦، ومسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه، برقم ٢٨٧٥.
(٥) سورة النمل، الآية: ٨٠.
(٦) سورة الروم، الآية: ٥٢.
(٧) سورة فاطر، الآية: ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>